اللغه العربيه بحر
استضافت مكتبه الشارقه العامة، في قاعه الندوات، بمقرها الجديد على دوار الكتاب بالشارقة، صباح امس،
الباحث الدكتور السوري هيثم الخواجة، في محاضره حملت عنوان “اللغه والهويه والابداع”، بمناسبه يوم اللغه
العربيه الذي اقرته منظمه الثقافه والتربيه والعلوم (اليونسكو) مطلع الاول من كل مارس الذي صادف
امس.
قدم الخواجه لمحاضرته بمقدمه حول اهميه اللغه ومركزيتها بوصفها واحدا من اعمده الهويه التاريخيه العربيه
بكل ابعادها الدينيه والمعرفيه والثقافيه والحضارية، وما ساهمت به هذه اللغه في تقديم مختلف المعارف
والعلوم للحضاره البشريه عبر تاريخها الطويل.
وقال الدكتور هيثم الخواجه “ما ينبغي ان نركز عليه هو الثقه بهذه اللغه والايمان بضرورتها
وقيمتها، فمن يعرف اسرارها يدرك تماما انها بحر واسع، وان ما تتضمنه من درر وجواهر
لا يصدقه العقل، فالعربيه باشتقاقاتها ومفرداتها ومرادفاتها وقدرتها على التعبير والتوضيح والتكثيف والدلاله والترميز لا
اقول تضاهي اهم اللغات ولكنها تتفوق على لغات العالم اجمع، ويكفي ان اذكر بان العربيه
فيها صيغ مبالغه (فعال مفعال فعول فعيل فعل) كل صيغه منها تقابل سطورا في لغات
اخرى”. متسائلا امام هذه المزايا: “فكيف نسمح باندثارها؟ وكيف نسمح بتشويهها؟”.
ثم انتقل الدكتور الخواجه بحديثه الى مساله اللغه والهوية، فراى ان الاولى بالنسبه للاخيره “النبض
الراعف بجسور التواصل والايصال، فعن طريق اللغه تعرف الانسان الى اي قوم ينتمي، والى اي
ثقافه ينحاز، ولهذا تحرص الامم على لغتها حتى ان بعض هذه الامم تعتبرها جزءا من
وجودها”.
اما عن اللغه والابداع فتطرق الدكتور الخواجه الى مساله الكتابه بالعامية، معتبرا ان هذا النوع
من الكتابه هو نتاج “لدعوات مشبوهه او مغرضه من الممكن تصنيفها تحت مظله اللا وعي
تحاول ترسيخ العاميه كبديل للفصحى بدعوى السهوله والتسهيل، وبدعوى ان العاميه تعبر عن خلجات النفس
اكثر من الفصحى، والحقيقه التي لا يختلف عليها احد هي انه لا بديل عن الفصحى،
لان العربيه الفصحى بحر له بدايه وليس له نهاية، فيها من الالفاظ والمعاني والدلالات ما
يضاهي اي لغه في العالم”.
وقال ايضا “ثم ان العاميه لهجه وليست لغة، وهذا يعني ان لا قواعد لها ولا
نظام لغوي ولا قانون املائي لها، فكيف اذن نستبدلها بالفصحى، وكيف نتفق على كتابتها، او
كيف نفهمها، وما الذي يحدث بعد ذلك اذا كانت كل مجموعه من الناس الذين يعيشون
على بضعه امتار مربعه في الوطن العربي لهم لهجتهم الخاصه بهم؟ ملاحظا ان العاميه “لهجه
ليس فيها من دروب البلاغه والايجاز والتكثيف واساليب التعبير ما في الفصحى، فهل ندير ظهرنا
لها ونخسر تراثا عامرا بالفكر والعلم والحياة؟”.
وفي السياق ذاته تحدث عن الابداع في المسرح والشعر والسرد ليختم بالقول: “ان الذين يحبون
هويتهم ويحترمونها يحبون الفصحى، والذين يعتزون بعروبتهم يحرصون على الفصحى، والذين بالتراث العربي لا يقايضون
على الفصحى، والذين يناصرون دينهم والقران يحمون لغتهم، واجزم باننا جميعا من هؤلاء فلتتشابك الايدي
من اجل العربية، ومن اجل الهوية، ومن اجل الابداع، ومن اجل ان نكون او لا
نكون ولات ساعه مندم”.