الفلسفة الاسلامية وتاريخها فى الاسلام , علاقة الفلسفة بالتاريخ الاسلامي

الفلسفه الاسلاميه و تاريخها فالاسلام ,

علاقه الفلسفه بالتاريخ الاسلامي

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 583

 

الفلسفة الاسلامية مصطلح عام ممكن تعريفة و استخدامة بطرق مختلفة،
فيمكن للمصطلح ان يستعمل على انه الفلسفة المستمدة من نصوص الاسلام بحيث يقدم تصور الاسلام و رؤيتة حول الكون و الخلق و الحياة و الخالق.
لكن الاستعمال الاخر الاعم يشمل كل الاعمال و التصورات الفلسفية التي تمت و بحثت فاطار الثقافة العربية الاسلامية و الحضارة الاسلامية تحت ظل الامبراطورية الاسلامية من دون اي ضرورة لان يصبح مرتبطا بحقائق اسلامية او نصوص شرعية دينية.
فى بعض الاحيان تقدم الفلسفة الاسلامية على انها جميع عمل فلسفى قام فيه فلاسفة مسلمون [1].
نظرا لصعوبة الفصل بين كل هذي الاعمال ستحاول المقالة ان تقدم رؤية شاملة لكل ما تمت للفلسفة بصلة و التي تمت فظل الحضارة الاسلامية.

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 584

مفهوم الفلسفة فالاسلام

الكلمة الاقرب لكلمة فلسفة هي كلمة “حكمة”،
وهي مستعملة فالنصوص الاسلامية الاساسية (القران و السنة)،
لهذا نجد العديد من الفلاسفة المسلمين يستعملون كلمة “حكمة” كمرادف لكلمة “فلسفة” التي دخلت الى الفكر العربي الاسلامي.
كلمة “الفلسفة” هي كلمة يونانية الاصل،
وهي تتكون من مقطعين يونانيين هما: “philien” و معناها “يحب”،
و”sophia” و معناها “الحكمة”،
وعلي ذلك يصبح الفيلسوف “philosopher” هو الشخص الذي يحب الحكمة،
او هو “محب الحكمة”.[2] و للفلسفة تعريفات عدة عند فلاسفة المسلمين،
منها ما ذكرة الكندى بقوله: «”انها علم الحاجات بحقائقها بقدر طاقة الانسان؛
لان غرض الفيلسوف فعلمة اصابة الحق،
وفى عملة العمل بالحق”» [3].
وان كانت كلمة فلسفة ضمن سياق الحضارة الاسلامية بقيت ملتصقة بمفاهيمالفلسفة اليونانية الغربية،
فان عندما نحاول ان نتحدث عن فلسفة دينية بالمفهوم العام كتصور كوني و بحث فطبيعة الحياة،
لا بد ان نشمل معها المدارس الثانية تحت المسميات الاخرى،
واهمها علم الكلام و اصول الفقة و علوم اللغة (راجع : تمهيد فتاريخ الفلسفة الاسلامية،
مصطفى عبدالرازق).

و اهم ما يواجة الباحث ان كلا من هذي المدارس ربما قام بتعريف الحكمة او الفلسفة و فق رؤيتة الخاصة و اهتماماتة الخاصة فمراحل لاحقة دخل المتصوفة فنزاعات مع علماء الكلاموالفلاسفة لتحديد معني كلمة الحكمة التي تذكر فالاحاديث النبوية و كثيرا ما استعمل الكثير من اعلام الصوفية لقب (حكيم) لكبار شخصياتهم كالحكيم الترمذي.
باى حال فان لقب (فيلسوف/فلاسفة) ظل حصرا على من عمل فالفلسفة ضمن سياق الفلسفة اليونانية و من هنا كان اهم جدل حول الفلسفة هو كتابي (تهافت الفلاسفة للغزالى و تهافت التهافت لابن رشد).

و يجدر الاشارة هنا الى ان تغير النظر الى مفهوم الفلسفة تبعا لتنوع الاجوبة على سؤال “ما الفلسفة؟” الذي ربما يتحول – نتيجة بزوغ فرع احدث فالفلسفة و هو فلسفة الفلسفة او المصطلح الذي يفضلة الدكتور طة عبدالرحمن فقة الفلسفة فكتابة “فقة الفلسفة”- الى (ما “ما الفلسفة؟” ؟
)..
الخ،
اذا راينا تصنيف الفلسفة الى فلسفة قديمة و ثانية حديثة حيث ان الاولي فلسفة فالوجود و الاخرى فلسفة فالمعرفة،
فان الاتجاة الاسلامي سيتميز بفلسفة – اي بفلسفة فالمعرفة – خاصة فيه اذا نظرنا الى علوم المناظرة العقدية (مناهج الكلام،
مناهج اهل الحديث.) و علوم الحديث و اصول الفقة و مناهج التفسير و غيرها من المعارف التي تهتم بتدشين المناهج الى جانب دراسة المضامين اعتمادا على المصدرين المنقول الصحيح و المعقول الصريح او الوحى و العالم او بتعبير الدكتور جعفر شيخ ادريس و حى الله و خلق الله.

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 585

بدايات الفلسفة الاسلامية

اذا اعتبرنا تعريف الفلسفة على انها محاولة بناء و تصور و رؤية شمولية للكون الحياة،
فان بديات هذي الاعمال فالحضارة الاسلامية بدات كتيار فكرى فالبدايات المبكرة للدولة الاسلامية بدابعلم الكلام،
ووصل الذروة فالقرن التاسع عندما اصبح المسلمون على اطلاع بالفلسفة اليونانية القديمة و الذي ادي الى نشوء رعيل من الفلاسفة المسلمين الذين كانوا يختلفون عن علماء الكلام.

علم الكلام كان يستند اساسا على النصوص الشرعية من قران و سنة و اساليب منطقية لغوية لبناء اسلوب احتجاجى يواجة فيه من يحاول الطعن فحقائق الاسلام،
فى حين ان الفلاسفة المشائين،
وهم الفلاسفة المسلمين الذين تبنوا الفلسفة اليونانية،
فقد كان مرجعهم الاول هو التصور الارسطى او التصور الافلوطينى الذي كانوا يعتبرونة متوافقا مع نصوص و روح الاسلام.
و من اثناء محاولتهم لاستعمال المنطق لتحليل ما اعتبروة قوانين كونية ثابتة ناشئة من ارادة الله،
قاموا بداية باول محاولات توفيقية لردم بعض الهوة التي كانت موجودة اساسا فالتصور لطبيعة الخالق بين المفهوم الاسلامي لله و المفهوم الفلسفى اليونانى للمبدا الاول او العقل الاول.

تطورت الفلسفة الاسلامية من مرحلة دراسة المسائل التي لا تثبت الا بالنقل و التعبد الى مرحلة دراسة المسائل التي ينحصر اثباتها بالادلة العقلية و لكن النقطة المشتركة عبر ذلك الامتداد التاريخى كان معرفة الله و اثبات الخالق [4].
بلغ ذلك التيار الفلسفى منعطفا بالغ الاهمية على يد ابن رشد من اثناء تمسكة بمبدا الفكر الحر و تحكيم العقل على اساس المشاهدة و التجربة [5].
اول من برز من فلاسفة العرب كان الكندى الذي يلقب بالمعلم الاول عند العرب،
من بعدها كان الفارابي الذي تبني العديد من الفكر الارسطى من العقل الفعال و قدم العالم و مفهوم اللغة الطبيعية.
اسس الفارابي مدرسة فكرية كان من اهم اعلامها : الاميرى و السجستانى و التوحيدي.
كان الغزالى اول من اقام صلحا بين المنطق و العلوم الاسلامية حين بين ان اساسيب المنطق اليونانى ممكن ان تكون محايدة و مفصولة عن التصورات الميتافيزيقية اليونانية.
توسع الغزالى فشرح المنطق و استعملة فعلم اصول الفقه،
لكنة بالمقابل شن هجوما عنيفا على الرؤى الفلسفية للفلاسفةالمسلمين المشائين فكتاب تهافت الفلاسفة،
رد عليه لاحقا ابن رشد فكتاب تهافت التهافت.

فى اطار ذلك المشهد كان هنالك دوما اتجاة قوي يرفض الخوض فمسائل البحث فالالهيات و طبيعة الخالق و المخلوق و تفضل الاكتفاء بما هو و ارد فنصوص الكتاب و السنة،
هذا التيار الذي يعرف “باهل الحديث” و الذي ينسب له معظم من عمل بالفقة الاسلامي و الاجتهاد كان دوما يشكك فجدوي اساليب الحجاج الكلامية و المنطق الفلسفية.
و ما زال هنالك بعض التيارات الاسلامية التي تؤمن بانه “لا يوجد فلاسفة للاسلام”،
ولا يصح اطلاق هذي العبارة،
فالاسلام له علماؤة الذين يتبعون الكتاب السنة،
اما من اشتغل بالفلسفة فهو من المبتدعة الضلال”[6].

فى مرحلة متاخرة من الحضارة الاسلامية،
ظهرت حركة نقدية للفلسفة اهم اعلامها : ابن تيمية الذي يعتبر فالعديد من الاحيان انه معارض تام للفلسفة واحد اعلام مدرسة الحديث الرافضة لكل عمل فلسفي،
لكن ردودة على اساليب المنطق اليونانى و محاولتة تبيان علاقتة بالتصورات الميتافيزيقية (عكس ما اراد الغزالى توضيحه) و هذا فكتابة (الرد على المنطقيين) اعتبر من قبل بعض الباحثين العرب المعاصرين بمثابة نقد للفلسفة اليونانية اكثر من كونة مجرد رافضا لها،
فنقدة مبنى على دراسة عميقة لاساليب المنطق و الفلسفة و محاولة لبناء فلسفة حديثة مهدت للنقلة منواقعية الكلى الى اسميته.

التناقض مع الفلسفة اليونانية

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 586

 

كان مفهوم الخالق الاعظم لدي الفلاسفة اليونانيين يختلف عن مفهوم الديانات التوحيدية.
فالخالق الاعظم فمنظور ارسطو و افلاطون لم يكن على اطلاع بكل شيء و لم يخرج نفسة للبشر عبر التاريخ و لم يخلق الكون و سوف لن يحاسبهم عند الزوال و كان ارسطو يعتبر فكرة الدين فكرة لاترتقى الى مستوي الفلسفة.

يمكن تقسيم الفلسفة اليونانية القديمة بصورة عامة الى مرحلتين:

  • مرحلة ما قبل سقراط التي اتسمت برفضها للتحليلات الميثولوجية التقليدية للظواهر الطبيعية و كان نوع التساؤل فحينها (من اين اتي جميع شيء ؟
    ) و هل ممكن وصف الطبيعة باستخدام قوانين الرياضيات و كان من اشهرهم طاليس الذي يعتبرة البعض اول فيلسوف يونانى حاول ايجاد تفسيرات طبيعية للكون و الحياة لاعلاقة لها بقوي الهية خارقة فعلي سبيل المثال قال ان الزلازل ليس من صنيعة الة و انما بسبب كونالارض اليابسة محاطة بالمياة و كان اناكسيماندر كذلك من ضمن ذلك الرعيل و كان يؤمن بالقياسات و التجربة و التحليل المنطقى للظواهر و كان يعتقد ان بداية جميع شيء هي كينونة لامتناهية و غير قابلة للزوال و تتجدد باستمرار،
    من الفلاسفة الاخرين فهذا الجيل،
    بارمنيدس،ديمقراطيس،
    اناكسيمين ميلتوسى [7][8].
  • مرحلة سقراط و ما بعدة و التي تميزت باستخدام كيفية الجدل و المناقشة فالوصول الى تعريف و تحليل و صياغة افكار حديثة و كان ذلك الجدل عادة ما يتم بين طرفين يطرح جميع طرف فيهما نظرتة بقبول او رفض فكرة معينة و بالرغم من ان سقراط نفسة لم يكتب شيئا ملموسا الا ان طريقتة اثرت بشكل كبير على كتابات تلميذة افلاطون و من بعدة ارسطو.من و جهة نظر افلاطون فان هنالك فرقا جوهريا بين المعرفةو الايمان فالمعرفة هي الحقيقة الخالدة اما الايمان فهو احتمالية مؤقتة [9] اما ارسطو فقد قال انه لمعرفة وجود شيء ما علينا معرفة اسباب و جودة و وجود او كينونة فكرة الخالق الاعظم حسب ارسطو هو فكرة التكامل و المعرفة على عكس فكرة المخلوق الباحث عن الكمالولتوضيح فكرتة اورد ارسطو مثال التمثال و قال ان هنالك 4 سبب لوجود تمثال :
  • اسباب ما دية مردة الى المادة التي صنع منها التمثال.
  • اسباب غرضية مردة الى الغرض الرئيسى من صنع التمثال.
  • اسباب حرفية مردة الشخص الذي قام بصنع التمثال.
  • اسباب ارضائية مردة الحصول على رضا الشخص الذي سيشترى التمثال [10].

استفاد ارسطو من نظرية سقراط القائلة ان جميع شيء غرضة مفيد لابد ان يصبح نتيجة لفكرة تتسم بالذكاء و استنادا الى هذي الفكرة استنتج ارسطوان الحركة و ان كانت تبدو عملية لا متناهية فان مصدرها الثبات و ان هذي الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات الى حركة و هذي الكينونة الاولية هي انطباع ارسطو عن فكرة الخالق الاعظم لكن ارسطو لم يتعمق فطريقة و غرض منشا الكون من الاساس [11].

الفلسفة اليونانية فالفلسفة الاسلامية المبكرة

فى العصر الذهبى للدولة العباسية و تحديدا فعصر المامون بدا العصر الذهبى للترجمة و نقل العلوم الاغريقية و الهلنستية الى العربية مما مهد لانتشار الفكر الفلسفى اليونانى بشكل كبير و كانت المدرسة الفلسفية الكثر شيوعا اثناء العصر الهلنستى هي المدرسة الافلاطونية المحدثة التي كان لها اكبر تاثير فالساحة الاسلامية فذلك الوقت.
تحاول الفلسفة الافلاطونية المحدثة التي احدثها افلوطين اساسا الدمج بين الفكر الارسطى و الافلاطونى و التوفيق بينهما ضمن اطار معرفى واحد و تصور وحيد لعالم ما تحت القمر و ما فوق القمر.
الافلاطونية المحدثة كذلك ترتبط ارتباطا و ثيقا بالمفاهيم الغنوصية التي تتوافق مع بعض افكار الديانات المشرقية القديمة.
اهم تجليات هذي الافلاطونية المحدثة و الغنوصية تجلت فافكار اخوان الصفا فرسائلهم و التي شكلت الاطار الفكرى المرجعى للفكر الباطني.

لاحقا بدات تخرج من جديد عملية فصل للمدرستين الافلاطونية و الارسطية،
حيث ظهر الكثير من العجبين بقوة بناء النظام الفكرى الارسطى و قوة منطقة و استنتاجة و كان اهم شارحية و ناشرى المدرسة الارسطية هو ابن رشد،
لم تعدم الساحة الاسلامية كذلك انتقال بعض الافكار الشكوكية التي عمدت الى نقد الافكار الميتافيزيقية الاسلامية و كانت تبدى العديد من الافكار التي توصفبالالحاد حاليا اهمهم : ابن الراوندى و محمد بن زكريا الرازي.

الهرمسية و الافلاطونية المحدثة

اول ما و جد فمنطقة الشرق الادني (سوريا و العراق و مصر) بعد دخول الاسلام من دراسات فلسفية كانت الثقافة الهيلينية التي كانت تسيطر عليها الافلاطونية المحدثة اضافة الى الهرمسية التي كانت مختلطة بجماعات الصابئة فحران و عقائد و افكار المانوية و الزرادشتية.
تشكل الهرمسية و الافلاطونية المحدثة مجموعة رؤى هرمسية و اطار فلسفى لرؤية كونية غنوصية او تدعي احيانا يالعرفانية.
تنسب الهرمسية كعلوم و فلسفة اسلامية الى هرمس المثلث بالحكمة الناطق باسم الاله.غير ان الكثير من البحاث الجديدة (اهمها دراسة فيستوجير) تؤكد ان تلك المؤلفات الهرمسية ترجع الى القرنين الثاني و الثالث للميلاد و ربما كتبت فمدينة الاسكندرية من طرف اساتذة يونانيين.
وبشكل عام تقدم الرؤية الهرمسية تصورا بسيطا عبارة عن الة متعال منزة عن عن جميع نقص و لا تدركة الابصار و لا العقول.
بمقابلة توجد المادة و هي اصل الفوضي و الشر و النجاسة.
اما الانسان فهو مزبج جسم ما دى غير طاهر،
يسكنة الشر و يلابسة الموت،
وجزء شريف اصلة من العقل الكلى الهادى هو النفس الشريفة.
تتصارع فالانسان جزءاة الطاهر و النجس و تتصارع به الهواء بين رغبة بالالله و رغبة فالشر لذا جاء الالة هرمس ليقوم بالوساطة بين الانسان و الالة المالله بتوسط العقل الكلى الهادى ليعلم الناس طريق الخلاص و الاتحاد بالالة المالله (و هنا يحدث الفناء فمصطلح الصوفية).
لكن ذلك الطريق صعب لا يتحملة الا النبياء و الاتقياء و الحكماء.
النفس كائنات الهية عوقبت بعد ارتكابها اثم لتنزل و تسجن فالابدان و لا سبيل لخلاصها الا بالتطهر و التامل للوصول الى المعرفة،
هذه المعرفة لا تتم عن طريق البحث و الاستدلال بل عن طريق ترقى النفس فالمراتب الكونية و العقول السماوية.

عدم الفصل بين العالم العلوى و العالم السفلي،
وقدرة النفس على التواصل مع العقول السماوية و الالة المالله،
الهية النفس البشرية و شوقها للاتحاد و الاندماج فالالة او حلول الالة فالعالم،
وحدة الكون و تبادل التاثير بين مختلف الكائنات (نباتات،
حيوانات،
انسان،
اجرام سماوية سبعة او الكواكب)،
الدمج بين العلم و الدين و عدم الاعتراف بسببية منتظمة فالطبيعة،
دراسة العناصر و تحولاتها بشكل ممتزج مع السحر و التنجيم (اصول الخيمياء) : جميع ذلك يشكل مباديء الهرمسية و العرفانية و تشكل الافلاكونية المحدثة عن طريق العقول السماوية العشرة و نظرية الفيض التي تنتقل من خلالها المعرفة من العقل الاول الى الانسان و بالعكس الاطار الفلسفى لهذه الافكار.

فلسفة ارسطو

لم يدخل ارسطو الى الساحة العربية الاسلامية الا بعد حملة الترجمة التي قام فيها الخليفة المامون.
وتذكر المصادر ان اول كتب تمت ترجمتهلارسطو كان كتاب “السماء و العالم” من قبل يوحنا بن البطريق عام 200 ة لكن حنين بن اسحاق اضطر الى اعادة ترجمتها عام 260 ة و ممكن اعتبار بداية دخول ارسطو الحقيق تمت على يد حنين و ابنة اسحاق سنة 298 ه.
اما ارسطو المنحول فقد دخل عن طريق كتاب “اتولوجيا” الذي ترجمة ابن ناعمة الحمصى عام 220 ه.
ويبدو ان ابن المقفع و ابنة محمد ربما قاما كذلك بترجمة بعض كتب ارسطو ككتب “الارغانون” و كتاب “التحليلات الاولى” و كتاب “المنطق لفورفوريوس”.
ويؤكد بول كراوس انه لم يتم اثناء الفترة الاولي قبل المامون ترجمة اي شيء عدا الاجزاء الثلاثة الاولي من الارغانون التي تتناول المنطق فقط دون الفلسفة الولي و الطبيعة على عادة المسيحيين السريان،
لكن حركة الترجمة فعصر المامون مددت هذا لتشمل كتب ارسطو غير المنطقية.
ويكفى ان نعرف ان كتاب “التحليلات الثانية” او “البرهان” لم يترجم للعربية الا فالقرن الرابع الهجري على يد ابي بشر متي عام 328 ة [12].

تاريخ الفلسفة فالعالم الاسلامي

كان علم الكلام مختصا بمقال الايمان العقلى بالله و كان غرضة الانتقال بالمسلم من التقليد الى اليقين و اثبات اصول الدين الاسلامي بالادلة المفيدة لليقين بها.
علم الكلام كان محاولة للتصدى للتحديات التي فرضتها الالتقاء بالديانات القديمة التي كانت موجودة فبلاد الرافدين اساسا (مثل المانوية و الزرادشتية و الحركات الشعوبية) و عليه فان علم الكلام كان منشاة الايمان على عكسالفلسفة التي لا تبدا من الايمان التسليمي،
او من الطبيعة،
بل تحلل هذي البدايات نفسها الى مبادئها الاولي [13].
هنالك مؤشرات على ان بداية علم الكلام كان سببة ظهور فرق عديدة بعد و فاة الرسول محمد ،
ومن هذي الفرق :[14]:

  • المعتزلة.
  • الجهمية (الجبرية) اتباع الجهم بن صفوان كانوا يقولون ان العبد مجبور فافعالة لا اختيار له.
  • الخوارج.
  • الاشاعرة و الماتريدية و الصوفية و المرجئة ياولون بعض الاسماء و الصفات.
  • الامامية الزيدية الاسماعيلية و العلوية و الشيعة بشكل عام.
  • الاباضية سمى الاباضية بهذا الاسم نسبة الى (عبد الله بن اباض التميمي)،
    والمؤسس الحقيقي للمذهب الاباضى هو الامام جابر بن زيد

كان نشاة علم الكلام فالتاريخ الاسلامي نتيجة ما اعتبرة المسلمون ضرورة للرد على ما اعتبروة بدعة من قبل بعض “‏الفرق الضالة” و كان الهدف الرئيسى هو اقامة الادلة و ازالة الشبة و يعتقد البعض ان جذور علم الكلام يرجع الى الصحابة و التابعين و يورد البعض على سبيل المثال رد ابن عباس و ابن عمر و عمر بن عبدالعزيز و الحسن بن محمد ابن الحنفية على المعتزلة،
ورد على بن ابي طالب على الخوارج و رد اياس بن معاوية المزنى على القدرية و التي كانت شبيهة بفرضية الحتمية.
كان علم الكلام عبارة عن دراسة “اصول الدين” التي كانت بدورها تتمركز على 4 محاور رئيسية و هي:[15]

  • الالوهية: البحث عن اثبات الذات و الصفات الالهية.
  • النبوة: عصمة الانبياء و حكم النبوة بين الوجوب عقلا،
    وهو مذهب المعتزلة و الجواز عقلا،
    وهو مذهب الاشاعرة.
  • الامامة: الاراء المتضاربة حول رئاسة العامة فامور الدين و الدنيا لشخص من الاشخاص نيابة عن النبى محمد.
  • المعاد: فكرة يوم القيامة و امكان حشر الاجسام.
    ويدرج البعض عناوين فرعية ثانية ك“العدل” و ”الوعد” و ”الوعيد” و ”القدر” و ”المنزلة” [16].

دور الكندى فالفلسفة

كان يعقوب بن اسحاق الكندى (805 – 873) اول مسلم حاول استخدام المنهج المنطقى فدراسة القران،
كانت افكار الكندى متاثرا نوعا ما بفكر المعتزلة و معارضا لفكر ارسطو من عدة نواحي.
نشا الكندى فالبصرة و استقر فبغداد و حضى برعاية الخليفة العباسى المامون،
كانت اهتمامات الكندى متنوعة منها الرياضيات و العلم الفلسفة لكن اهتمامة الرئيسى كان الدين [17].

بسبب تاثرة بالمعتزلة كان طرحة الفكرى اسلاميا و كان مقتنعا بان حكمة الرسول محمد النابعة من الوحى تطغي على ادراك و تحليل الانسان الفيلسوف ذلك الراى الذي لم يشاركة به الفلاسفة الذين ظهروا بعده.
لم يكن اهتمام الكندى منصبا على دين الاسلام فقط بل كان يحاول الوصول الى الحقيقة عن طريق دراسة الاديان الثانية و كانت فكرتة هو الوصول الى الحقيقة من كل المصادر و من شتي الديانات و الحضارات [18].

كان الخط الفكرى الرئيسى للكندى عبارة عن خط اسلامي ديني و لكنة اختلف عن علماء الكلام بعدم بقاءة فدائرة القران السنة و انما خطي خطوة اضافية نحو دراسة الفلسفة اليونانية و قام باستخدام فكرة ارسطو و التي كانت مفادهاان الحركة و ان كانت تبدو عملية لا متناهية فان مصدرها الثبات و ان هذي الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات الى حركة فقام الكندى بطرح فكرة مشابهة الا و هي ان لا بد من وجود كينونة ثابتة و غير متحركة لتبدا نقطة انطلاق حركة ما .
كان الكندى لحد هذي النقطة موافقا لارسطو و لكنة و من هذي النقطة ادار ظهرة لفكر ارسطو و لجا الىالقران لتكملة فكرتة عن الخلق و النشوء و اقتنع بان الله هو الثابت و ان جميع المتغيرات نشات بارادتة [19].

لكن الفلسفة التقليدية اليونانية كانت لاتعترف بهذه الفكرة على الاطلاق و عليه فان الكندى حسب تعريف المدرسة الفكرية اليونانية لايمكن و صفة بفيلسوف حقيقي و لكنة كان ذو تاثير على بداية تيار فكرى حاول التناغم بين الحقيقة الدينية الميتافيزيقيا [20].

وفى عصرة (عصر المعتصم) سيحاول الكندى ان ينخرط فمعركة “نصرة العقل” ضد افكار الهرمسية و الافلاطونية المحدثة لذا سنجدة يؤلف “الرد على المنانية و المثنوية” و سيرفض نظرية الهرمسية و الافلاطونية المحدثة عن وجود جملة من العقول السماوية (و هي الكيفية التي تجعل فيها الهرمسية و سائط بين العقل الكلى او العقل العاشر الفعال و الانسان) و هي اساس نظرية الفيض التي تجعل معرفة الانسان قابلة للحصول عن طريق الفيض او الغنوص [12].
يرفض الكندى ذلك الاتصال و يميز بين “علم الرسل” الذي يحدث عن طريق الوحى (الوسيلة الوحيدة بين الله و الانسان) و ”علم سائر البشر” الذي لا يحدث الا عن طريق البحث و الاستدلال و الاستنتاج.
فى مجال الوجود و على عكس الفلاسفة اللاحقين سيتني الكندى فكرة “حدوث العالم” مستندا الى مجموعة من المفاهيم الارسطية : فجرم العالم متناة و الزمان متناة كذلك و الحركة متناهية،
اذا العالم متناة و محدث : حسب تعبير الكندي : ” الله هو العلة الاولي التي لا علة لها الفاعلة التي لا فاعل لها المتممة التي لا متمم لها،
المؤيس الكل عن ليس و المصير بعضة لبعض سببا و علة “.
وواضح هنا ان اثر الثقافة الاسلامية و اضح فكلام الكندى الذي لم يصلة العديد بعد من ترجمات كتب ارسطو.

اضافة لذا يقرر الكندى ان الحقيقية الدينية و الحقيقة الفلسفية واحدة فلا تناقض بينهما،
غير ان ظاهر النص ربما يوحى ببعض الاختلاف اذا لم يعمل العقل فمجال تاويل معقول.

بالمقابل سيؤلف الكندى “رسالة فالفلسفة الاولى” ليهديها الى الخليفة المعتصم و هي بمجملها تخطئة لموقف الفقهاء و المتكلمين من علوم الاوائل (الفلسفة) و الدعوة الى الاستفادة لما و رد فعلوم الاوائل من علوم مفيدة.
الرسالة بمجملها تعتبر دفاعا عن الفلسفة و سط حالة الرفض لكل ما هو اجنبي لكنها لاترقي الى تاسيس فهم و ترسيخ الفكر الارسطى بشكل و اضح [12].

دور الرازى فالفلسفة

تميز الجيل الذي ظهر بعد الكندى بصفة اكثر حزما و راديكالية،
فكان ابو بكر الرازى (864 – 923) الذي وصف بكونة ذو تيار فكرى رفض اقحام الدين فشؤون العقل و رفض فنفس الوقت نظرة ارسطو للميتافيزيقيا و كان فكرة اقرب الى الغنوصية او (العارفية) حيث قال الرازى ان من المستحيل ان يصبح منشا المادة عبارة عن كينونة روحية و رفض الرازى كذلك فكرة و التي كانت مفادهاان الحركة و ان كانت تبدو عملية لا متناهية فان مصدرها الثبات و رفض فنفس الوقت تحاليل علماء الكلام عن الوحى و النبوة [21].

كان الرازى مقتنعا ان التحليل العقلى و المنطقى هي الكيفية الوحيدة للوصول الى المعرفة و عليه فان العديد من المؤرخين لايعتبرون الرازى مسلما بالمعني التقليدى للمسلم و يري الكثيرون انه كان الانعطافة الحقيقية الاولي نحو الفلسفة و الفيلسوف كما كان يعرف فالحضارة اليونانية.
كان الرازى طبيبا بارعا و مديرا لمستشفي فالرى فايران و كان جريئا فمناقشة التيار الفكرى الذي سبقة و كان مؤمنا ان الفيلسوف الحقيقي لايستند على تقاليد اسلامية بل يجب عليه التفكير بمناي عن تاثير الدين و كان مقتنعا ان الاعتماد على الدين غير مثمر لاختلاف الاديان المختلفة فو جهات النظر حول الخلق و ما هية الحقيقة [22].

اكبر نقد تم توجيهة الى الرازى كان نقدا عميقا جدا جدا بالرغم من بساطتة و النقد البسيط العميق كان اذا كانت الفلسفة الكيفية الوحيدة للوصول الى الحقيقة فماذا عن عامة الناس او الناس البسطاء الغير قادرين على التفكير الفلسفى هل يعني ذلك بانهم تائهون للابد،
ياتى اهمية ذلك النقد بسبب كون الفلسفة فالمجتمع الاسلامي و لحد ذلك اليوم مرتبطة بطبقة النخبة و باشخاص اتسموا بذكاء عالى و ذلك كان مناقضا لمفهوم الامة الاسلامية الواحدة و الافكار الروحية المفهومة من قبل الجميع و ليس البعض [23].

دور الفارابي فالفلسفة

بدا الفارابيمن نقطة الانتقاد الموجهة للرازى و للفلسفة بصورة عامة و كان النقد عبارة عن (فوائد الفلسفة فتنظيم الحياة اليومية) للانسان البسيط الذي يري الفلسفة شيئا بعيدا جميع البعد عن مستوي استيعابة و لايجد فذلك النوع من المناقشات اي دور عملى ملموس فحياتة اليومية.
حاولابو نصر محمد الفارابي (874 – 950) الفيلسوف من تركستان تضييق حجم الفجوة بين المسلم البسيط و الفلسفة و يعتبرة البعض رائدا فهذا المجال حيث حاول فكتابة “اراء اهل المدينة الفاضلة” التطرق الى القضايا الاجتماعية و السياسية المتعلقة بالاسلام.
فى كتاب “الجمهورية” طرح افلاطون فكرة ان المجتمع المثالى يجب ان يصبح قائدة فيلسوفا يحكم حسب قوانين العقل المنطق و تبسيطها لتصبح مفهومة من قبل الانسان البسيط.
من هذي الفكرة حاول الفارابي ان يطرح فكرتة حول ان الرسول محمد كان بالضبط ما حاول افلاطون ان يوضحة عن صفات قائد “المجتمع الفاضل” لقدرتة حسب تعبير الفارابي من تبسيط اللهم روحية عليا و ايصالها الى الانسان البسيط [24].

بهذه النظرة ابتعد الفارابي كليا عن مفهوم الخالق فالفلسفة اليونانية الذي كان بعيدا جميع البعد عن هموم الانسان البسيط و الذي لم يخاطب الانسان يوما،
ولكن الفارابي ضل ملتقيا مع فكر ارسطو فنقطة ان قرار الخلق لم يكن عبثيا و لا متسرعا.
استخدم الفارابي فكرة النشوء اليونانية التي كانت تختلف عن فكرة الخلق فالديانات التوحيدية فحسب النظرية اليونانية فان النشوء يبدا من كينونة اولية ثابتة و لكن سلسلة النشات تخضع لقوانين طبيعية بحتة و ليست لقوانين اسلامية او الهية [25].
حاول الفارابي تطويع هذي الفكرة من النظرة التوحيدية للخلق فقال ان الانسان بالرغم من منشاة على هذي الارض فانه امتداد لسلسلة من اطوار النشوء التي بدات من المصدر الى السماء العلي الى الكواكب و الشمسوالقمر و ان الانسان له القدرة بان يزيل اتربة هذي التراكمات من النشوء لكي يرجع الى الخالق الاولى و كان ذلك التحليل بالطبع مخالفا لفكرةالقران عن خلق الانسان [26]

العديد من الدراسات تعتبر الفارابي اهم من استطاع ايصال و شرح علوم المنطق بالعربية،
بالمقابل سنجد ان الفارابي كان يشغلة هاجس الوحدة و التوحيد فظل دول و امارات دينية متفرقة فعهد الدولة الحمدانية،
كان الفارابي يتطلع لتوحيد الملة عن طريق توحيد الفكر لذا سنجدة يحاول التوحيد بين الامة (الشريعة) و الفلسفة فكتاب الحروف [12] و سيحاول ان يجمع بين راى الحكيمين : افلاطون و ارسطو فكتاب الجمع بين الحكيمين [27]،
وسنجدة كذلك عكس الكندى يحاول ان يدخل العرفان او الغنوص فمنظومتة الفكرية فيقبل نظرية العقول السماوية و الفيض لكن العرفان لا يتحقق عند الفارابي بنتيجة النفس و التامل بل المعرفة و السعادة (الصوفية العرفانية) هي نتيجة المعرفة عن طريق البرهان.
وكما فنظرية الافلاطونية المحدثة : العقل الاول الواجب الوجود لا يحتاج شيئا معه بل يفيض و جودة فيشكل العقل الثاني فالثالث حتي العقل العاشر التي يعطى الهيولي و المادة التي تتشكل منها العناصر الاربعة للطبيعة : الماء و الهواء و النار و التراب.
والدين و الفلسفة يخبراننا الحقيقة الواحدة فالفلسفة تبحث و تقرر الحقائق و الدين هو الخيالات و المثالات التي تتصور فنفوس العامة لما هي عليه الحقيقة،
وكما تتوحد الفلسفة مع الشريعة و الملة ايضا يجب ان تبني المدينة الفاضلة على غرار تركيب الكون و العالم بحيث تحقق النظام و السعادة للجميع.
هذا كان حلم الفارابيالمقتبس من فكرة المدينة الفاضلة لافلاطون [28].

مدرسة الحكمة المتعالية

قام صدر الدين الشيرازى المعروف بصدر المتالهين الشيرازى باحداث تغيير جوهرى ف“الفلسفة الاسلامية”،
وذلك من اثناء احداثة لمدرستة الفلسفية المسماة: الحكمة المتعالية.
وقد اضاف عددا كبيرا من المسائل الفلسفية،
كما انه حاول تطبيق النظريات الفلسفية مع النصوص الدينية (اى الايات القرانية و الروايات الشريفة).[29]

كتاب الحروف

يحتل كتاب الحروف للفارابي اهمية خاصة بين اعمالة و يعتبر الكتاب بحثا فالفلسفة الاولى،
اضافة الى نقاش علماء اللغة و الكلام حول العديد من الاشكاليات التي كانت تتعلق اساسا بعلاقة اللغة و المنطق و اشكالية اللفظ/المعني عن طريق محاولة استنتاجية منطقية لتاسيس مفهوم الكلى و تشريع دور المنطق فالبيئة الاسلامية التي كانت رافضة لها.
يحاول الفارابي بداية شرح طريقة تكون المعرفة بدءا من الاحساس فالتجربة فالتذكر فالفكرة من بعدها نشاة العلوم العملية و النظرية [30].
وبين الفكرة و نشاة العلوم يضع الفارابي مرحلة نشوء اللغة : فبعد تولد الفكرة عند الانسان تاتى الاشارة بعدها التصويت (اخراج اصوات معينة) و من تطور الاصوات تنشا الحروف و الالفاظ (و يختلف النطق حسب الجماعات البشرية و فيزيولوجيتها و بيئتها) و كذا تتشكل الالفاظ و الكلمات : المحسوس اولا بعدها صورتة فالذهن بعدها اللفظ المعبر عنه.
فى مرحلة لاحقة تتكون الكلمات و التعابير من دمج العبارات و الالفاظ لتعبر ليس فقط عن الاسياء بل عن العلاقات التي تربط بينها.
الفارابي هنا يستعمل اسلوب برهانيا ليحدد العلاقة بين اللفظ و المعني و يقرر اسبقية المعني على اللفظ (مخالف بذلك لمدرسة اهل الكلام الذين يعطون الاسبقية للفظ على المعنى).
وبنفس السياق كذلك يقرر ان نظام الالفاظ (اللغة) هي محاولة لمحاكاة نظام الافكار (فى الذهن) و ما نظام الافكار فالذهن الا محاولة لمحاكاة نظام الطبيعة فالخارج من علاقات بين الحاجات الفيزيائية المحسوسة [31].
اضافة الى هذا فقد تقرر نتيجة تحليل الفارابي ان هنالك نظامين : نظام للالفاظ يحاول محاكاة ترتيب العلاقة بين المعاني فالنفس،
ونظام احدث مستقل للمفهومات و المعقولات تحاول محاكاة ترتيب الحاجات الحسية فالخارج الفيزيائي.
ومن هنا ضرورة وجود علمين : علوم اللغة او علم اللسان الذي يعني بصر الفاظ اللغة و علاقاتها مع مدلولاتها و معانيها.
وعلم المنطق الذي يعني بترتيب العقل للمفاهيم و طرق الاستنتاج السليم للقضايا من البدهيات اي قواعد التفكير السليم.

يلى هذا حسب ترتيب الفارابي مرحلة جمع اللغة و صون الالفاظ من الدخيل و الغريب بعدها تقنين اللغة عن طريق وضع القواعد التي تضبط كيفية كتابتها و نطقها (نشاة علوم النحو)،
وهكذا تتطور ما ممكن تسميتة بالعلوم العامية.

يترافق هذا مع تطور للعلوم العملية من قياس و تقنية،
ومن بعدها سيتلو هذا نشاة العلوم القياسية التي تعرف بالعلوم الطبيعية،
هى العلوم بحق ضمن المفهوم الارسطى الذي يتبناة الفارابي كذلك اي علوم الرياضيات و المنطق و لاسلوب القياسى الاستنتاجي.
فتتميز الطرق الاستدلالية : الخطبية و الجدلية و السفسطائية و الاللهمية (الرياضية) و اخيرا البرهانية و يتضح ان المعرفة اليقينية تنحصر فالطرق البرهانية،
وهكذا تتشكل (الفلسفة) ليليها بعد ا لذا نشاة (الشريعة) او الدين او بمصطلح الفارابي (الملة) فحسب الفارابي : الفلسفة يجب ان تسبق الملة و ما الملة (الشريعة) الا و سائل خطبية للجمهور و العوام لنقل الحقائق التي نتوصل لها عن طريق الفلسفة [27].

لكن فبعض الحالات (و يقصد هنا حالة الامة الاسلامية) لا تتشكل الفلسفة فمرحلة مبكرة بل يتشكل الدين بشكل مسبق و من هنا يحصل التعارض بين تاويلات الدين و تاوبلات الفلسفة و واجب الفلاسفة تبيين الحقائق بحيث يبدو ما تقررة الملة ليس الا مجرد مثالات لما تقررة الفلسفة [32].

تاثير المذهب الاسماعيلي

لاقت محاولة الفارابي لتفسير النشوء فالفلسفة اليونانية و التي كانت مختلفة نوعا ما عن فكرة الخلق قبولا و تعاطفا من قبل الصوفية و الاسماعيليين الذين تمكنوا من تشكيل كيان سياسى لهم فيتونس و قاموا بتاسيس الدولة الفاطمية عام 909 و الذي كان معارضا للخلافة السنية فبغداد و فعام 973 امتد نفوذ الاسماعيليين الى القاهرة و قاموا ببناء جامع الازهر [33].

بدا الفكر الاسماعيلى بالاقتناع بان الامام الشيعى هو بكيفية ما عبارة عن ظل الله فالارض و كانت هنالك قناعة بان الرسول محمد بن عبدالله عهد بالعلم الحقيقي الى على بن ابي طالبوسلالتة من بعدة و تم تسمية ذلك العلم المتوارت “النور المحمدي”.
كان الفكر الاسماعيلى يعتقد ان الفلسفة تركز فقط على الجانب العقلى و المنطقى فالدين و لاتعير اهتماما الى الجانب الروحيولهذا نشا تيار يركز على فهم المعاني الدفينة للقران و سمى ذلك العلم (علم الباطن) و بدلا من استخدام العلم و القياسات لفهم العالم الخارجى استخدم الاسماعيليون تلك الوسائل لفهم التفكير الداخلى الباطنى للانسان [34].

قام الاسماعيليون بدمج بعض الافكار الزردشتية مع الافلاطونية المحدثة لتوضيح فكرتهم الفلسفية التي كانت عبارة عن فكرة قديمة نوعا ما و مفادة ان الحياة او الحقيقة او الاعمال اليومية لها و جهان و جة نراة فالحياة الدنيا و وجه خفى يقع فالسماوات العلي و عليه و حسب ذلك المفهوم فان اي صلاة او دعاء او زكاة يقوم فيه الانسان فهذه الحياة هي فالحقيقة نسخة مشابهة لنفس تلك الفعاليات فالسماء العلي مع فرق مهم و هو ان نسخة السماء العلي هي الخالدة و ذات ابعاد حقيقية و ان السماء العلي نفسها هي اكثر حقيقية من الحياة الدنيا [35].

من الجدير بالذكر ان فكرة بعدى الحياة الدنيا و السماء العلي كانت فكرة ايرانية قديمة تركها الفرس عندما اعتنقوا الاسلام و لكن الاسماعيليين اعادوها للحياة و دمجوها مع فكرة النشوء اليونانية و تحليل الفارابي القائلة ان الانسان بالرغم من منشاة على هذي الارض فانه امتداد لسلسلة من اطوار النشوء التي بدات من المصدر الى السماء العلي الى الكواكب الشمس القمر و ان الانسان له القدرة بان يزيل اتربة هذي التراكمات من النشوء لكي يرجع الى الخالق الاولي.

كانت السماوات العشر التي تفصل الانسان عن الله حسب المفهوم الاسماعيلى مرتكزة على الرسول محمد و ائمة الشيعة السبع حسب الاسماعيلية (علي،
الحسن،
الحسين،
على زين العابدين بن الحسين ،
محمد الباقر بن على ،
جعفر الصادق بن محمد،
اسماعيل بن جعفر الصادق)،
ففى السماء الاولي كان الرسول محمد و فالسماء الاخرى على بن ابي طالب،
وبعد الائمة السبع و اخيرا و فالسماء الاقرب الى الارض كانت فاطمة ابنة الرسول محمد[36].
وكان ذلك بالطبع مخالفا لفكرة ارسطو و تحليل الفارابي لتلك الفكرة حيث كانت الفلسفة اليونانية تؤمن ان هنالك “الاول” و من ذلك الاول نشا “الثاني”الذى اتصف بالذكاء و نتيجة لقدرة الثاني على استيعاب فكرة الاول نشا “الثالث” و من الثالث نشا “السماء العلى” و منه نشات النجوم و الكواكب و الشمس و القمر و منه اتي العاشر و الاخير الذي كان بمثابة جسر رابط بين الحياة الدنيا و السماء العلي [26]

علم الباطن

تعتبر الباطنية فرقة من فرق الشيعة و يطلق عليه كذلك القرمطية او القرامطة و الاسماعيلية و كانوا يامنون حسب تعبيرهم ان “لكل ظاهر باطنا و الظاهر بمنزلة القشور و الباطن بمنزلة اللب المطلوب” و يعتقد ان لفظة الباطنية ظهرت مع ميمون بن ديصان الاحوازى الذي اختارة جعفر الصادق و صيا على حفيدة محمد بن اسماعيل [37]

كانت الفكرة الرئيسية لعلم الباطن هو معرفة الابعاد الخفية للدين و تم التكثيف من استخدام الرموز التي حسب اعتقاد الاسماعيليين اظهرت حقائق عميقة لم يتمكن الحواس اوالمنطق من ادراكها.
كانت الوسيلة الرئيسية هي التاويل و الذي كان باعتقادهم سوف يرجع بهم الى لحظة الوحى بالتالي الى اللوح المحفوظ [38].
حاول الفيلسوف الفرنسي هنرى كوربين (1903 – 1978) توضيح فكرة التاويل حيث كان كوربن مهتما بتاريخ و دور الثقافة الشيعية فقال كوربن ان التاويل ممكن تشبيهة بالتناغم فالموسيقي حيث كان الاسماعيليون يزعمون انهم قادرون على سماع عدة مستويات عند سماعهم لاية قرانية و كانوا يحاولون سماع الصدي الفردوسى بالاضافة الى العبارات المجردة [39]

طرح المفكر الاسماعيلى ابو يعقوب السجستانى (توفى عام 971) نظريتة حول اروع و سيلة لمعرفة كينونة و ما هية الخالق الا و هي و سيلة نفى النفي،
علي سبيل المثال يبدا المرء بالقول ان اللهليس كينونة و ان الله ليس بعالم جميع شيء بعدها يبدا المرحلة الاخرى و هي نفى ذلك النفى بقول ان الله ليس ليس كينونة و ان الله ليس ليس بعالم جميع شيء.
كانت الفكرة الرئيسية من ذلك الطرح هو محاولة اظهار ان اللغة الانسانية غير قادرة على وصف طبيعة الخالق [40]

بعد السجستانى حاول المفكر الاسماعيلى حميد الدين كرمانى (توفى عام 1020) يوضح اهمية اسلوب نفى النفى فبعث الطمانينة الداخلية اذا تم استعمالها بحكمة و انها ليست عبارة عن خداع عقلى بل محاولة لتنوير الباطن [41].
من الجدير بالذكر ان فلسفة نفى النفى يتم استعمالها بكثافة لحد ذلك اليوم و خاصة فمجال البحوث الاحصائية العلمية حيث يبدا الفرضية عادة بنفى بعدها يتم نفى ذلك النفي،
علي سبيل المثال يبدا باحث ما بدراسة علاقة التدخين بالسرطان فيبدا من فرضية انه لاعلاقة بين التدخين السرطان و تدريجيا من اثناء الارقام و الاحصاءات يتم نفى ذلك النفي.
كانت لمدرسة الفكر الباطنى و الفكر الاسماعيلى اعظم الاثر فنشوء حركة اخوان الصفا الفلسفية لاحقا.

اخوان الصفا

تحت تاثير الفكر الاسماعيلى انبثقت جماعة اخوان الصفاء فالبصرة فالنصف الثاني من القرن الرابع الهجري و كانت اهتمامات هذي الجماعة متنوعة و تمتد من العلم و الرياضيات الى الفلك السياسة و قاموا بكتابة فلسفتهم عن طريق 52 رسالة مشهورة ذاع صيتها حتي فيالاندلس و يعتبر البعض هذي الرسائل بمثابة موسوعة للعلوم الفلسفية،
كان الهدف المعلن من هذي الحركة “التظافر للسعى الى سعادة النفس عن طريق العلوم التي تطهر النفس” للاطلاع على نبذة مختصرة من رسائل اخوان الصفا اقرا ذلك الرابط [42].
من الاسماء المشهورة فهذه الحركة كانت ابو سليمان محمد بن مشير البستى المشهور بالمقدسي،
وابو الحسن على ابن هارون الزنجاني[43].

تاثرت رسائل اخوان الصفا بالفلسفة اليونانية و الفارسية و الهندية و كانوا ياخذون من جميع مذهب بطرف و لكنهم لم يتاثروا على الاطلاق بفكرالكندى و اشتركت مع فكر الفارابي و الاسماعيليين فنقطة الاصل السماوى للانفس و عودتها الى الله و كان فكرتهم عن منشا الكون يبدا منالله بعدها الى العقل بعدها الى النفس بعدها الى المادة الاولي بعدها الاجسام و الافلاك و العناصر و المعادن النبات الحيوان فكان نفس الانسان من و جهة نظرهم جزءا من النفس الكلية التي بدورها سترجع الى الله اخرى يوم المعاد.
الموت عند اخوان الصفا يسمي “البعث الاصغر”،
بينما تسمي عودة النفس الكلية الى الله “البعث الاكبر”[44].
وكان اخوان الصفا على قناعة ان الهدف المشترك بين الاديان و الفلسفات المختلفة هو ان تتشبة النفس بالله بقدر ما يستطيعة الانسان [45].

كانت كتابات اخوان الصفا و لا تزال مصدر خلاف بين علماء الاسلام و شمل الجدل التسائل حول الانتماء المذهبى للجماعة فالبعض اعتبرهم من اتباع المدرسة المعتزلية و البعض الاخر اعتبرهم من نتاج المدرسة الباطنية و ذهب البعض الاخر الى حد و صفهم بالالحادالزندقة[46] و لكن اخوان الصفا انفسهم قسموا العضوية فحركتهم الى 4 مراتب [47]:

  • من يملكون صفاء جوهر نفوسهم و جودة القبول و سرعة التصور.
    ولا يقل عمر العضو بها عن خمسة عشر عاما؛
    ويسمون بالابرار و الرحماء،
    وينتمون الى طبقة ارباب الصنائع.
  • من يملكون الشفقة و الرحمة على الاخوان.
    واعضاؤها من عمر ثلاثين فما فوق؛
    ويسمون بالاخيار الفضلاء،
    وطبقتهم ذوو السياسات.
  • من يملكون القدرة على دفع العناد و الخلاف بالرفق و اللطف المؤدى الى اصلاحه.
    ويمثل هؤلاء القوة الناموسية الواردة بعد بلوغ الانسان الاربعين من العمر،
    ويسمون بالفضلاء الكرام،
    وهم الملوك و السلاطين.
  • المرتبة الاعلي هي التسليم و قبول التاييد و مشاهدة الحق عيانا.
    وهي قوة الملكية الواردة بعد بلوغ الخمسين من العمر،
    وهي الممهدة للصعود الى ملكوت السماء؛
    واليها ينتمى الانبياء [47].

كتاب الاشارات لابن سينا

وصلت الفلسفة الاسلامية الى احدي قممها على يد ابن سينا (980 – 1037) الذي ولد لعائلة شيعية فاحدي قري “بخارى” و تاثر منذ صغرة بفلسفة الفارابي و الافلاطونية المحدثة [48].
ادرك ابن سينا ان الفلسفة بحاجة الى التاقلم مع متغيرات الامبراطورية الاسلامية الذي اصبح به الخليفة بعيدا جميع البعد عن صفات قائد المدينة الفاضلة التي دعي اليها افلاطون و اعتبرها الفارابيمطابقة لصفات الرسول محمد.
كان ابن سينا مقتنعا ان الرسول محمد هو ارفع شانا من الفيلسوف لكونة معتمدا على الاتصال المباشر بالمعرفة الالهية و لكنة و فنفس الوقت كان معاديا لفكرة الايمان الاعمي حيث كان ابن سينا متاثرا بفكر ارسطو باستخدام العقل المنطق و الادلة للوصول الى ما هية الخالق بل اعتبر ابن سينا استخدام هذي الوسائل و اجبا على جميع مسلم لكي يحرر فكرة من الخرافة الاساطير و من الجدير بالذكر ان ابن سينا لم يكن عابدا متزهدا حيث ان هنالك مصادر تشير الى و فاتة و هو فالثامنة و الخمسين من العمر لافراطة فشرب النبيذ و لكن لو كان كما يقال عنه لما كان ليتوصل لما اثبتة من حقائق علمية فشتي المجالات ناهيك عن دورة الفعال فعلم الفلسفة [49].

طرح ابن سينا فكرتة فالاثبات العقلى على وجود الخالق التي يجب ان تبدا حسب راية بفهم كيفية تفكير الانسان اولا و اعطي مثال الشجرة لتوضيح فكرته.
فالشجرة و حسب مثال ابن سينا تتالف من جذر و جذع و اوراق و لحاء و عندما يحاول الانسان فهم مقال معين فيجب عليه تقسيم المقال الى عدة اقسام ثانوية و يتوقف عملية التقسيم هذي لحد التوصل الى جزء غير قابل للقسمة و سوف يساعد هذي الكيفية حسب راى ابن سينا فالوصول الى جوهر المسالة التي ربما تم تعقيدها لاسباب خارجية [50].

كان ابن سينا موافقا لفكر ارسطو بان الحركة و ان كانت تبدو عملية لا متناهية فان مصدرها الثبات و ان هذي الكينونة الثابتة هي التي حولت الثبات الى حركة و اضاف ابن سينا بان انعدام المحرك الاولى معناة ان الكون كله عبارة عن فوضي و لكن الكون ليس بفوضي و عليه فان خلقة من الاساس كانت منظمة و رجع ابن سينا الى فكرة تبسيط الحاجات الى اجزاءها الاولية البسيطة لغرض فهمها فقال ان الله فكرة الله هي البساطة نفسها حيث ان الفكرة غير قابلة لتقسيم او تفريع اكثر [51].

قدم ابن سينا طرحة الفكرى عن الخلق و النشوء الذي كان مشابها لفكرة الافلاطونية المحدثة عن الفضاءات العشرة او السماوات العشرة المتسلسلة لنشوء الكون التي تفصل الانسان عن الله و ركز على الطبقة الاخيرة او الجسر الرابط بين الحياة الدنيا و السماء العلي و قال ان ذلك الجسر عبارة عن الوحى من جبريل الى الرسول محمد.
فى سنواتة الاخيرة انكب ابن سينا على كتابة كتابة المشهور كتاب “الاشارات” حيث كان هنالك فهذا الكتاب توجة و اضح و صريح نحو الفلسفة المشرقية و به ذكر مصطلح الاشراق و كان لهذا الكتاب اعظم الاثر فنشوء المدرسة الفكرية الاشراقية على يد يحيي السهروردى [52].

الغزالى و الاسماعيليين

رسم عربي تخيلى ل ابي حامد الغزالي.

بدا ابو حامد محمد بن محمد الغزالى (1058 – 1111) التعمق ففوائد التحليل المنطقى و العقلى الفلسفة من الاساس فاثبات او نفى الخالق،
كان ابوحامد الغزالى باحثا من الطراز الرفيع حيث تولي و هو فالرابعة و الثلاثين من عمرة ادارة المدرسة النظامية فبغداد و كان الهدف الاساسي للوزير السلجوقى نظام الملك من ذلك التعيين هو قيام ابوحامد الغزالى بالتصدى للفكر الاسماعيلى [53] لكن طموح ابوحامد الغزالى لم يتوقف عند هذي الرغبة الضيقة للوزير السلجوقى حيث ان بحثة عن اليقين المطلق عن طبيعة الخالق دفعة الى التعمق فدراسة كل المذاهب الفكرية و التوجهات الفلسفية و انتهي فيه البحث الى الاستنتاج ان كل الفلسفات و المدارس الفكرية السابقة ربما فشلت فاثبات وجود الخالق لكون فكرة الخالق غير خاضعة للقياس من الاساس و اعلن فكتابة “تهافت الفلاسفة” فشل الفلسفة فايجاد جواب لطبيعة الخالق و صرح ان الفلسفةيجب ان تبقي مقالات اهتماماتها فالمسائل القابلة للقياس و الملاحظة كالطب و الرياضيات الفلك و اعتبر ابوحامد الغزالى محاولة الفلاسفةفى ادراك شيء غير قابل للادراك بحواس الانسان منافيا لمفهوم الفلسفة من الاساس [54].

كان لتعمق الغزالى فدراسة التيارات الفكرية و الفلسفية السابقة دور سلبى فبدلا من اقترابة نحو اليقين بالخالق زاد اقترابة من الشك و انتهي فيه الامر بالاصابة بمرض الكابة و ترك مهنة التدريس و كان فتلك الفترة من حياتة مقتنعا ان الدليل الوحيد للوصول الى اليقين بشان وجود الخالق هو ملاقاتة و جها لوجة بعد الموت[55].
للخروج من هذي الازمة بدا الغزالى تدريجيا يقتنع ان هنالك جانبا روحيا غير ملموس فالانسان لايمكن تجاهلة و بغض النظر عن منشا ذلك الجانب فان هنالك فصلا و اضحا بين ما اسماة “عالم الشهادة” و ”عالم الملكوت” و يقصد فيه الجزء الظاهر المحسوس و الخاضع لقوانين الفيزياء مع الجزء المعنوى الغير الملموس [56].

استخلص الغزالى الى فكرة انه من المستحيل تطبيق قوانين الجزء المرئى من الانسان لفهم طبيعة الجزء المعنوى و عليه فان الوسيلة المثلي لفهم الجانب الروحى يجب ان يتم بوسائل غير فيزيائية و اختار الغزالى طريق التصوف للوصول الى اليقين بوجود الخالق خلال الحياة بدلا من الانتظار الى ما بعد الموت للوصول الى الحقيقة.
يظهر الطابع الصوفى للغزالى جليا فكتابة مشكاة الانوار من اثناء تفسيرة للاية 35 من سورة النور و التي تنص على[57]

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 39

 الله نور السماوات و الارض كنورة كمشكاة بها مصباح المصباح فزجاجة الزجاجة كانها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية و لا غربية يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسة نار نور على نور يهدى الله لنورة من يشاء و يضرب الله الامثال للناس و الله بكل شيء عليم

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام cc79a589ede2417c2aab55aabd01a826

وتاريخها فى علاقة بالتاريخ الفلسفة الاسلامية الاسلامي الاسلام 20160623 40

حيث قال الغزالى ان النور المقصود هنا يشير الى الله و الى جميع جسم مضيئ احدث كالمشكاة و النجوم و حتي العقل المستنير لان ضوء العقل المستنير قادر على عبور حاجز الزمن و الفضاء و كان الغزالى يقصد بالعقل المستنير العقل القادر على التخيل و التصور و ادراك ان الجانب الروحى يتطلب نظرة غير حرفية و غير فيزيائية لفهمها [58].

بهذه النظرة الغي الغزالى اي دور للفلسفة فاثبات او عدم اثبات وجود الخالق من اثناء طرحة الفكرى بانه لايمكن استخدام الفلسفة فالوصول الى اليقين الذي لايقبل الجدل حول ما هية الله ففكرة الله كانت حسب نظرة و اقعة خارج نطاق التفكير المنطقى و لكن ذلك التصريح الخطير لم تكن نهاية الفلسفة حيث قام ابن رشد من قرطبة باحياء دور الفلسفة فالوصول الى معرفة اللهحيث اعتبر ابن رشد الفلسفة اعلي مراتب التدين [59].

مفهوم ابن رشد

من المفارقات التاريخية حول ابن رشد (1126 – 1198) هو اختلاف و جهات النظر حولة بين المسلمين المعاصرين له و بين و جهة نظر الغرب له،
فقد اعتبرة الغرب من اهم الفلاسفة المسلمينعلي الاطلاق حيث ترجمت اعمالة الى اللاتينية العبرية و اثرت افكارة بشكل و اضح على كتابات على الفلاسفة المسيحيين اليهود و منهم بالتحديد توماس اكويناس [60] (1225 – 1274) و البرت الكبير [61] (1206 – 1280) و موسي بن ميمون [62] (1135 – 1204) و ارنست رينان (1823 – 1892) بينما لم يلق ابن رشد نفس الاهتمام من المعاصرين له حيث فضل الفيلسوفان المعاصران له،
يحيي السهروردى و مؤيد الدين العربي اتباع منهج ابن سينا بدلا من منهج ابن رشد [63].

كان ابن رشد متعمقا فالشريعة الاسلامية بحكم منصبة كقاضى اشبيلية و حاول التقريب بين فلسفة ارسطو و العقيدة الاسلامية حيث كان ابن رشد مقتنعا انه لايوجد تناقض على الاطلاق بينالدين الفلسفة و ان كلاهما يبحثان عن نفس الحقيقة و لكن باسلوبين مختلفين و قام بالرد على كتاب “تهافت الفلاسفة” للغزالى فكتابة المشهور “تهافت التهافت” و اصر على عكس الغزالى على قدرة الفلسفة بايصال الانسان الى اليقين الذي لايقبل الجدل حول ما هية الله [64].

شدد ابن رشد على نقطة فغاية من الاهمية كانت غائبة عن بال من سبقوة و هي ان الفلسفة و علم الكلام الصوفية الباطنية و غيرها من التيارات الفكرية تشكل خطرا على الاشخاص الذين ليس لهم القدرة على التفكير الفلسفى و ان الشخص الغير المتعمق او الذي ياخذ بقشرة الفكرة سوف يتعرض الى صراعات نفسية و فكرية تؤدى فيه الى الشك و التشتت بدلا من اليقين و التنور [65].

لوحة تخرج ابن رشد من اعمال الفنان الايطالى اندريا دا فيرنزى (فلورانساالقرن الرابع عشر).

فى محاولة من ابن رشد لتضييق الفجوة بين الدين و الفلسفة طرح ابن رشد فكرتة حول اروع و سيلة لتفسير الدين و الخالق من و جهة نظر فلسفية فقال ان على الفيلسوف القبول ببعض الافكار الدينية لكي يكون فعالا فالوصول الى طبيعة الخالق و من هذي الافكار [59]:

  • وجود الله
  • وحدانية الله
  • كون الله ليس كمثلة شيء
  • عدالة الله
  • الحياة بعد الموت
  • خلق الله للكون

قام ابن رشد بتوضيح فكرتة اكثر قائلا ان القران على سبيل المثال ربما ذكر ان الله ربما خلق الكون و لكنة لم يوضح كيف تم ذلك الخلق و متي تم ذلك الخلق و بهذا فان القران ربما فتح الباب على مصراعية للفيلسوف بان يستخدمالعقل المنطق للتعمق فهذه النقطة و بهذا اعتبر ابن رشد التحليل الفلسفى لامور الدين قمة التدين و ليس منافيا لمفهوم الدين [66].

العصر الحديث

محمد اقبال فتفكير عميق،
هذه الصورة هي التي اكسبتة لاحقا لقب “المفكر”.

بعد انتهاء العصر الذهبى للامبراطورية الاسلامية،
يمكننا ان نقول بشكل عام انه ربما ساد نوع من الخمول فالحركة الفكرية و الفلسفية.
سادت فالمناطق الاسلامية بين معظم الاوساط الدينية فلسفات اكثر ارتباطا بفلسفة الاشراق (السهروردى و محى الدين بن عربي) و حكمة الماللهن (الملا صدرا) التي كانت اساسا تشكل الثقافة و العلم للطرق الصوفية التعبدية التي انتشرت بين سائر الناس.
ولهذا الحكيم و الفيلسوف مدرسة فلسفية و حكمية قائمة بذاتها و هي مدرسة الحكمة الماللهة و من اهم متميزات هذي المدرسة انها و فقت بين القران و العرفان و البرهان.

لكن عودة الاتصال بالغرب بعد بدء الحملات العسكرية الاوروبية على البلدان الاسلامية اعاد من جديد ضرورة التفكير الفلسفى و طرح مفهوم النهضة بين مفكرين كانوا يحاولون الاجابة عن سؤال اسباب التخلف.

سؤال التخلف سيسيطر على الساحة الفكرية و سيطرحة بداية بعض رجال الدين مثل : جمال الدين الافغانى و محمد عبدة و رشيد رضاوشكيب ارسلان و رفاعة الطهطاوى اضافة لمفكرين اكثر علمانية اهمهم : شبلى شميل،
ساطع الحصري.
وسيقي ذلك السؤال مطروحا بسبب فشل المحاولات القائمة على القومية العربية او القوميات الدينية بعد الاستقلال فتجربة تحديث البلدان العربية و الاسلامية.
سيبقي السؤال مطروحا باساليب مختلفة فمثلا سيؤلف ابو الحسن الندوى كتاب ماذا خسر العالم بتخلف المسلمين ؟
.

لكن جميع هذي المحاولات ممكن ان نقول انها كانت تندرج فاطار الفكر عامة و الفكر السياسى خاصة اكثر منها محاولات فلسفية عميقة،
فاسئلة مثل : ما معني الوجود و ما هي ما هيتة ؟

من النادر ان تبحث فيما تعانى امة ما من مشكلة وجود حقيقة و مشكلة اثبات ذات.

ربما تكون احدي المحاولات الفلسفية النادرة لمسلم فالعصور الجديدة هي تجربة الشاعر المفكر محمد اقبال الذي صاغ معظم فكرة تقريبا بشكل قصائد باللغتين الفارسية و الاردية.
اضافة لبعض محاضرات فالفكر السياسى الاسلامي،
وكتاب فريد من نوعة يدعىتجديد الفكر الاسلامي.

محاولات اعادة قراءة التراث

عربيا،
منذ منتصف الثمانينات و طوال عقد التسعينات ستشهد الساحة الثقافية محاولات حديثة لحل سؤال النهضة المطروح دائما و ابدا و ستاخذ هذي المرة شكلا فلسفيا اكثر عن طريق محاولةاعادة قراءة التراث الاسلامي بغية ايجاد حلول للسؤال العصى عن الحل.
قد يري البعض فهذه المحاولات تجارب لاعطاء الفكر العلمانى الغربى جذورا تراثية دينية،
وبالتالي اعطاء الفكر الغربى نوعا من المشروعية فالساحة الثقافية الاسلامية،
وقد يراة اخرون محاولة لاستجداء حلول حقيقية و ليس مجرد تلفيق و هذا من روح الامة نفسها بحيث تكون النهضة متابعة لتجربتها الحضارية.

احدي اهم و اوائل هذي التجارب ستكون مشروع عابد الجابرى الذي بدا من اواخر السبعينات فكتاب “نحن و التراث” لكنة سيتكامل فمشروع نقد العقل العربي الذي تالف من اربعة اجزاء: تكوين العقل العربي،
بنية العقل العربي،
العقل السياسى العربي،
واخيرا العقل الاخلاقى العربي.
بالمجمل،
سيحاول الجابرى ان يعيد تفكيك و تركيب التراث الاسلامي ليعين محددات العقل العربي : فالجزء الاول سيدرس ظروف تشكيل العقل العربي و الانظمة الفكرية التي تشكله،
ثم يتابع فالجزء الثاني ليتابع دراسة النظمة الفكرية الثلاث التي حددها فالجزء الاول: البيانوالعرفان و البرهان و سيستمر الجابرى فتحليل البني و الاشكاليات فهذه الانظمة المعرفية و صداماتها الفكرية و السياسية متحيزا دوما للنظام البرهانى (وهو بشكل اساسى الفكر الفلسفى اليونانى تحديدا الارسطي) معتبرا ابن رشد الابرز فتقديم المشروع البرهانى فالحضارة العربية،
لكن ذلك المشروع البرهانى لم يكتب له النجاح فالارض الاسلامية لكنة سيتابع تقدمة فالغرب الذين سيتقبلون فكر ابن رشد و هو فكر ارسطى اصيل.

الاهمية الاساسية لمشروع الجابرى ستكون فانه سيصبح شرارة تشعل هذي الساحة الفكرية و النقدية فقراءة التراث الفلسفى الاسلامي،
وسيتعرض الجابرى لردود من كافة الاتجاهات،
فالاتجاهات العلمانية سيعتبرون ان الجابرى بدا يميل نحو الاسلامية،
فى حين سترد عليه محاولات ثانية بانه بتبجيلة لابن رشد يحاول فقط ان يثبت النظام الارسطى اي الفكر الغربي.

نقد نقد العقل العربي سيكتبة جورج طرابيشى فدمشق،
لكن فالمغرب موطن الجابرى سيرد عليه طة عبدالرحمن الذي يعتقد ان ابن رشد لم يكن سوي مقلدا لارسطو و شارحا جيدا لافكارة و ليس له فالابداع نصيب.
محاول طة عبدالرحمن الاساسية ستكون فكتابة تجديد المنهج فقراءة التراث.

ظهرت كذلك دراسة للمرزوقي،
الفيلسوف التونسي،
بعنوان اصلاح العقل فالفلسفة العربية و كتاب تجليات الفلسفة العربية: منطق تاريخها من اثناء منزلة الكلي : المرزوقى يحاول رسم نموذج يوضح فيه حركيات الفكر فظل الثقافة الاسلامية و كيف اثرت على الفكر اليونانى و الفلسفة اليونانية.
يعتبر المرزوقى اهم ما تم انجازة فاطار الثقافة العربية الاسلامية هو تحرير مفهوم الكلى من اطار الواقعية الى اطار الاسمية.
وهذا هو ما ساعد لا حقا على تطوير العلوم و المعارف من رياضيات و فلك و ميكانيك.
فواقعية الكلى فاطار الفلسفة الافلاطونية او الارسطية تجعل نتائج الفلسفة حقائق و اقعية لا شك بها و بالتالي الفلسفة كانت جامدة غير قابلة للتطوير.
لكن تمازج تجربة تعقيل العلوم النقلية اي و ضعها فاطار قوانين،
وتجربة تنقيل العلوم الفلسفية الفكرية اليونانية و ترجمتها ربما فكك تدريجيا فكرة و اقعية الكلى النظرية و العملية: ذلك التفكيك سيتم بداية عن طريق نقد سيقوم فيه الغزالى و ابن سينا،
لكن تدشين الاسمية سيتم على يدى ابن تيميةوابن خلدون.

هذه الافكار سترسم صورة مغايرة تماما عن نموذج الجابرى الذي يدين الغزالى و ابن سينا معتبرا اياهم من انصار و ناشرى المنج العرفانى (العقل المستقيل)،
كما سيعيد طرح شخصية ابن تيميةكلاعب اساسى فالساحة الفلسفية و هو كثيرا ما كان يعتبر مجرد فقية حنبلى سلفي.

  • اسباب رفض مصطلح الفلسفة في البيئة الإسلامية
  • اناكسيمين
  • علاقة الفلسفة بالتاريخ
  • محاضرة المدرسة الاسلامية في مقياس مدارس و مناهح


الفلسفة الاسلامية وتاريخها فى الاسلام , علاقة الفلسفة بالتاريخ الاسلامي