الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا , تفسير الآية الكريمة
الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا (104)
القول في تاويل قوله : ( الذين ضل سعيهم في الحياه الدنيا ) يقول: هم
الذين لم يكن عملهم الذي عملوه في حياتهم الدنيا على هدى واستقامة، بل كان على
جور وضلالة، وذلك انهم عملوا بغير ما امرهم الله به بل على كفر منهم به،
وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا :
يقول: وهم يظنون انهم بفعلهم ذلك لله مطيعون، وفيما ندب عباده اليه مجتهدون، وهذا من
ادل الدلائل على خطا قول من زعم انه لا يكفر بالله احد الا من حيث
يقصد الى الكفر بعد العلم بوحدانيته،
وذلك ان الله تعالى ذكره اخبر عن هؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الاية، ان
سعيهم الذي سعوا في الدنيا ذهب ضلالا وقد كانوا يحسبون انهم محسنون في صنعهم ذلك،
واخبر عنهم انهم هم الذين كفروا بايات ربهم.
ولو كان القول كما قال الذين زعموا انه لا يكفر بالله احد الا من حيث
يعلم، لوجب ان يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي اخبر الله عنهم انهم كانوا يحسبون
فيه انهم يحسنون صنعه ، كانوا مثابين ماجورين عليها، ولكن القول بخلاف ما قالوا، فاخبر
جل ثناؤه عنهم انهم بالله كفرة، وان اعمالهم حابطة.
وعنى بقوله: ( انهم يحسنون صنعا ) عملا والصنع والصنعه والصنيع واحد، يقال: فرس صنيع
بمعنى مصنوع.