الاسلام دين التسامح والرحمة , صفات يتحلى بها المسلم
الخطبه الاولى:
ان الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور انفسنا، وسيئات اعمالنا، من يهده
الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد الا اله الا الله وحده
لا شريك له، واشهد ان محمدا عبده ورسوله، اما بعد:
مفهوم التسامح في دين الاسلام.
فان التسامح في دين الاسلام بين المسلمين امر معروف وواضح، وما زاد الله عبدا بعفو
الا عزا، والتسامح في هذا الدين نصوصه كثيره ومشهورة، والذين اذا ما غضبوا هم يغفرون،
فمن عفا واصلح فاجره على اللهسوره الشورى40. وتنازل المسلم لاخيه المسلم عن حقه مما يؤجر
عليه عند الله ويزداد به في الدنيا والاخرة، واما تسامح المسلمين مع غير المسلمين فانها
قضيه لا بد من تسليط الضوء عليها حتى لا تختلط الامور، ولا يحدث الانسياق وراء
عدد من المروجين لافكار اعداء الاسلام، او المنهزمين من المسلمين، فما هو حدود التسامح تجاه
اعداء الاسلام او غير المسلمين في هذه الشريعة، ما هي حدود التسامح بين المسلم والكافر،
ما معنى سماحه الاسلام، ما معنى انه دين التسامح، ما هو المقصود بهذه العباره وما
هو حكم الشريعه فيها.
التسامح مع غير المسلمين.
عباد الله: لقد كانت سماحه الاسلام من اعظم اسباب سرعه انتشاره، وكانت تلك السرعه الهائله
التي طوى فيها الاسلام اكثر المعمور من الارض تحت ظله الظليل؛ كان راجعا الى عدل
هذه الشريعه وحكمتها، عندما راى العباد ما لا عهد لهم به من قبل، كانوا يرزحون
تحت الظلم والبغي وعباده العباد، فجاءت هذه الشريعه لتنقذهم من عباده العباد الى عباده رب
العباد، ومن ضيق الدنيا الى سعه الدنيا والاخرة، ومن جور الاديان الى عدل الاسلام، وراى
اصحاب البلاد المفتوحه عدل المسلمين وتعاملهم فكان في ذلك اكبر الاثر في انتشار الاسلام في
البلدان، على خلاف ما ردد اعداء الدين من تصوير الفتوحات الاسلاميه غزوا ماديا لنهب ثروات
الامم واغتصاب خيراتها، وحرمانها من نعم الله عليها، وتصوير هذه الفتوحات بانها اكراه للناس بقوه
السلاح على الدخول في الدين، هذه الفتوحات كانت رحمه للبلاد المفتوحة، وكان التعامل شاهدا على
عظمه الدين في نفوس الفاتحين، ممن التزم به وتقيد بشرعه، وفي يوم الفتح عندما تمكن
النبي صلى الله عليه وسلم من اهل مكه الذين اخرجوه منها وكانوا قد منعوه من
ابلاغ دين الله بينهم، وحالوا دون ايصال الدعوه الى غيرهم فكفروا هم وصدوا غيرهم عن
سبيل الله، ماذا فعل بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم لما قدر عليهم؟ هل
اخذ بيوتهم؟ هل سفك دمائهم بغير قتال، هل ذبح نسائهم واطفالهم، ام انه اطلقهم لا
تثريب عليكم اليوم، انتم الطلقاء، وهكذا كانت فتوحات المسلمين في البلاد الاخرى، فنقرا مصالحات ابي
عبيده بن الجراح لاهل الشام على الابقاء على معابدهم من البيع والكنائس داخل المدن وخارجها
مصونه لا يهدم منها شيء وصالحهم على حقن دمائهم وحفظ حياتهم، ولكن لا يبنوا كنيسه
جديدة، ولا يضيفوا الى الموجود شيئا اخر، ولا يظهروا صلبانهم ولا نواقيسهم لان اظهار الكفر
في بلاد الاسلام لا يجوز، وصالحهم على الدفاع عنهم وحمايتهم من اي اعتداء اخر مقابل
مبلغ من المال مقدور عليه، يدفعه كل واحد منهم ولذلك سموا باهل الذمة، وهؤلاء المعاهدين
واهل الذمه وفيت لهم الشروط، وشاهدوا حسن السيره فيهم، وبهذه المعامله رغبوا في دين الاسلام،
واقبلوا عليه وارتفعت الجزيه عمن اسلم منهم وصاروا اخوه لنا في الدين، وهكذا تحولت بلاد
مصر والشام والعراق الى بلاد اسلاميه دخلت شعوبها في الاسلام لما راوا من عدله وحسنه،
هذه الاخلاق التي عبر عنها اعداء الاسلام ايضا.
ولما كتب يزدجرد ملك الفرس الى ملك الصين يستمده قال للرسول قد عرفت ان حقا
على الملوك انجاد الملوك على من غلبهم فصف لي صفه هؤلاء القوم الذين اخرجوكم من
بلادكم فاني اراك تذكر قله منهم وكثره منكم، ولا يبلغ امثال هؤلاء القليل الذين تصف
منكم فيما اسمع من كثرتكم الا بخير عندهم وشر فيكم، قال سل عما احببت، قال
ايوفون بالعهد، قال نعم، قال ما يقولون لكم قبل ان يقاتلوكم، قال يدعوننا الى واحده
من ثلاث اما دينهم، فان اجبناهم اجرونا مجراهم، او الجزيه والمنعة، اي الجزيه مع الحماية،
او القتال، قال فما يحلون وما يحرمون، قال فاخبرته قال ايحرمون ما حلل لهم او
يحلون ما حرم عليهم، قلت لا، قال فان هؤلاء القوم لا يهلكون ابدا حتى يحلوا
حرامهم ويحرموا حلالهم، فكتب ملك الصين الى ملك الفرس ان هؤلاء القوم الذين وصف لي
رسولك لو يحاولون الجبال لهدوها، ولو خلي لهم طريقهم ازالوني ما داموا على ما وصف،
فسالمهم وارض منهم بالمساكنه ولا تهيجهم ما لم يهيجوك.
مفهوم لا اكراه في الدين.
الاسلام لا يجبر الشخص على الدخول فيه قال الله تعالى: لا اكراه في الدينسوره البقرة256.
قال ابن كثير رحمه الله: “اي لا تكرهوا احدا على الدخول في دين الاسلام فانه
بين واضح جلي في دلائله وبراهينه، لا يحتاج الى ان يكره احد على الدخول فيه،
بل من هداه الله للاسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة، فاكثر الكفار
دخلوا في دين الاسلام بالاقتناع، وليس بالقوة، وكانت الحرب عندما يرفض الكفار تسليم بلدانهم للمسلمين،
كان المسلمون يريدون البلدان لاقامه شرع الله فيها، وتحكيم الاسلام فيها، ودعوه الناس بالحسنى، فاذا
قام ملك دون ملكه وسلطان دون سلطانه وكفار يمنعون المسلمين من الدخول لتحيكم الاسلام كان
القتال يقوم، من اجل ان يقام الدين، وقاتلوهم حتى لا تكون فتنه ويكون الدين كله
للهسوره الانفال39. وهكذا كانت رايه الاسلام تعلو في البلدان المختلفة، ان دعوه الاسلام الى المسامحه
شيء معروف لكنه ليس ذلا ولا تنازلا عن شيء من الدين، والكفار لا يعاملون في
الشريعه معامله واحدة، لانها قائمه على العدل، فهم انواع، فمنهم كفار محاربون وكفار مسالمون، فالكفار
المحاربون لا يجوز ان يفعل لهم معروف، ولا نوع من البر، ولا الصلة، ما داموا
قائمين بالحرب، انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين واخرجوكم من دياركم وظاهروا على
اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون
ان دعوه الاسلام الى المسامحه شيء معروف لكنه ليس ذلا ولا تنازلا عن شيء من
الدين، والكفار لا يعاملون في الشريعه معامله واحدة، لانها قائمه على العدل، فهم انواع، فمنهم
كفار محاربون وكفار مسالمون، فالكفار المحاربون لا يجوز ان يفعل لهم معروف، ولا نوع من
البر، ولا الصلة، ما داموا قائمين بالحرب، انما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين
واخرجوكم من دياركم وظاهروا على اخراجكم ان تولوهم ومن يتولهم فاولئك هم الظالمون
سوره الممتحنة9. اذا هؤلاء لا يمكن عمل المعروف معهم، ما داموا قد حملوا السلاح على
المسلمين، يريدون ان يطفئوا نور الله، وكفار اخرون مسالمون، يقولون للمسلمين هذه بلادنا ادخلوها واقيموا
فيها دينكم ونحن لا نريد حربا ولا قتالا ولا ان نرفع عليكم سلاحا، هؤلاء الذين
يرغبون في التعامل مع المسلمين على اساس السلم والاحترام المتبادل وان تكون الهيمنه للاسلام والحكم
للاسلام، والشريعه المطبقه في البلد الاسلام لا يجوز الاعتداء عليهم باي نوع من الاعتداء البتة.
امثله من تعامل النبي صلى الله عليه وسلم، والسلف مع غير المسلمي
عباد الله: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم بدعوه اهل الكتاب ويزور مرضاهم طاعه
لله، ولا ينهى البنت المسلمه ان تبر امها المشركه ما دامت جاءت راغبه في الصله
غير رافعه للسلاح على المسلمين، والكافر اذا كان معاهدا او ذميا فلا يجوز خرق عهد
الامان معه ولا الاعتداء عليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الا من ظلم معاهدا
او انتقصه او كلفه فوق طاقته او اخذ منه شيئا بغير طيب نفس فانا حجيجه
يوم القيامة). رواه ابو داود وحسنه الالباني.
النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل معاهدا له ذمه الله، وذمه رسوله؛ حرم
الله عليه ريح الجنة، وان ريحها لتوجد من مسيره سبعين خريفا.
عباد الله: لقد جاء النهي عن قتل النساء، والصبيان في الحروب فعن ابن عمر رضي
الله عنهما قال: “وجدت امراه مقتول في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم
فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان”، رواه البخاري ومسلم. فاذا
لم يحملوا السلاح اي النساء، والصبيان ولم يعينوا على المسلمين لم يجز مسهم بسوء ولم
يجز قتلهم ولا اعمال السلاح فيهم، وقام ائمه الاسلام بالدفاع عن اهل الذمه في البلدان
التي كانت تحكم بالشريعه عندما يتعرضون للظلم، فقام الاوزاعي رحمه الله يشكو والي جبل لبنان
من اقرباء الخليفه الى الخليفه لانه اجلى جماعه من اهل الذمه لخروج نفر منهم على
عامل الخراج، فقال: “لا تزر وازره وزر اخرى”، فلا يؤخذ البرئ بجريره المذنب، ولما عمد
الوليد بن يزيد الى اجلاء الذميين من قبرص الى الشام تحسبا لحمله روميه اعترض الفقهاء
على مسلكه، وشيخ الاسلام بن تيميه رحمه الله رحمه ان يطلق التتر اسرى المسلمين دون
اهل الذمة، فاصر شيخ الاسلام على التتر ان يطلقوا اهل الذمه مع المسلمين، لان التتر
اخذوا من الجميع اسرى، صلاح الدين الايوبي رحمه الله لما جاءته المراه من الكفار النصارى
وهم اعداؤه تطلب منه طلبا خاصا ان يرد اليها ولدها الصغير، امر بالبحث عنه فوجده
قد بيع مع السبي وهذا حق للمسلمين اذا حاربوا الكفار وحاربهم الكفار ان يؤخذ نساء
الكفار واولادهم سبيا يتربون عند المسلمين فيتاثروا بالاسلام فينشئوا عليه، وكان في ذلك فائده كبيره
بدلا من ان ينشئوا عند ابائهم الكفار، فلما وجد صلاح الدين الولد قد بيع اشتراه
بماله الخاص، ووهبه لتلك المراة، ولما اراد بعض خلفاء المسلمين ان يبادل الاسرى مع الكفار
وقف المسلمون على طرف النهر والكفار على الطرف الاخر وبينهما جسر وصار يعبر واحد من
اسرى المسلمين من طرف الكفار وواحد من اسرى الكفار من طرف المسلمين مبادله الاسرى واحد
بواحد، وهكذا حصلت المبادله فانتهى المسلمون الاسرى وبقي اسرى من الكفار في يد الخليفه فراى
اظهارا لمنه الاسلام على الكفار وكسبا للموقف ان يطلق البقيه الباقيه بدون مقابل، ولذلك كان
حكم الشريعه في الاسرى الكفار الماخوذين اما ان يقتلوا واما ان يسترقوا واما ان يفادوا
بالمال واما ان يمن عليهم بلا مقابل، ليس بحسب الهوى، لكن بحسب ما تقتضيه المصلحه
الشرعية، فان كانوا من اهل الخبره في القتال ولو رجعوا للكفار كانوا وبالا على اهل
الاسلام يقتلون ولا يتركون، ولو كان في اخذهم سبيا مصلحه لهم وللمسلمين يؤخذون سبيا، ولو
كان من المصلحه تحصيل مال مقابل لهم من اجل حاجه للمسلمين كان الفداء بالمال، وان
كان عند الكفار اسرى في المقابل من المسلمين تكون المبادله الاسرى بالاسرى، وان كانت المنه
هي المصلحه الشرعيه كسبا للموقف وتاثيرا دعويا في الكفار يطلق الاسرى بلا مقابل، بحسب ما
تقتضيه الشريعة.
حلات لايجوز فيها التسامح مع الكفار.
لكن ايها الاخوة: التسامح الى اي حد؟ لا شك ان التسامح مع اعداء الاسلام له
حدود معينة، وهذه القضيه التي يريد عدد من المنافقين والكفار ان يضيعوها، ويريدوا ان يقولوا
انه تسامح على طول الخط مهما فعل الكفار ومهما قاموا به تسامح على طول الخط،
من الذي قال ذلك، وفي اي كتاب من كتب الشريعه هذا؟ اين الايه او الحديث
الدال عليه؟ بل ان الايات والاحاديث تدل على خلاف ذلك، انه يوجد حالات لا تسامح
فيها مع الكفار، اطلاقا والتسامح حرام وخزي وذل لا يجوز للمسلمين ان يفعلوه، فلما نقض
بنو قينقاع العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وغدر الصائغ ويهود بني قيقناع
بالمسلمين واستصرخ المسلم اهل الاسلام قاموا اليهم، ونابذوهم وهكذا كانت الحرب على بني قينقاع لغدرهم،
ولما قام بنو النضير بمحاوله اخرى غادره ايضا وطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم
ان يخرج اليهم مع بعض اصحابه من اجل ان يتحاوروا حوار الاديان واشتمل اليهود على
الخناجر يريدون الانفراد بالنبي عليه الصلاه والسلام يتقدم ثلاثه ويتقدم النبي صلى الله عليه وسلم
لمحاورتهم فيجهزوا عليه، اشتمل اليهود على الخناجر، فجاء الوحي الى النبي صلى الله عليه وسلم
بالمؤامره فرجع وتجهز وغزا بني النضير، وحرق نخيلهم اخزاء لهم وفتا في عضدهم، وحاصرهم حتى
نزلوا على الجلاء، فخرجوا من ديارهم يجرون اذيال الخيبه والهزيمه وغادروا تلك الحصون والقلاع وسلمت
بالكامل للمسلمين، وبنو قريظه وما ادراك ما بنو قريظه عندما جاءت الاحزاب فحاصروا المدينه وابتلي
المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا، وكان النبي عليه الصلاه والسلام قد عاهد يهود بني قريظه من
قبل حتى تستتب له الامور فلما قام اليهود بالغدر والممالئه وممالئه كفار قريش على نبي
الله صلى الله عليه وسلم ونقضوا العهد وخالفوا الشروط بينهم وبين النبي صلى الله عليه
وسلم جاء جبريل بالامر بالقتال واخذ يهود بني قريظه بعد الحصار وهكذا من انبت منهم
الشعر الدال على بلوغه قتل فقتل رجالهم اجمعين، وهكذا حكم فيهم سعد بن معاذ رضي
الله عنه بحكم الملك من فوق سبع سماوات، بحكم الملك من فوق سبع سماوات، اذا
هذه حالات لا تسامح فيها ابدا، اذا غدروا لا مسامحه البتة.
مثال اخر قدم اناس من عكل او عرينه فاجتووا المدينه وسكنوا فيها، هؤلاء الاعراب واظهروا
الاسلام، فامرهم النبي صلى الله عليه وسلم امر لهم بلقاح اعطاهم مجموعه من الابل من
بيت المال صدقه يتصدق عليهم من البانها ليشربوا منها، واعطاهم راعيا مع الابل يخدمهم، هؤلاء
لما صحوا ورجعت اليهم العافيه قتلوا راعي النبي عليه الصلاه والسلام وفقاوا عينه، وارتدوا عن
الاسلام واخذوا الابل سرقوها وهربوا بها، فجاء الخبر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
في اول النهار، فبعث في اثارهم فلما ارتفع النهار جيء بهم، قوه المسلمون ما تعالى
النهار الا وجميع الكفار مرصوصين عند النبي صلى الله عليه وسلم، موثقين، جيء بهم قدره
على الاتيان بالمجرمين فورا، ما تعالى النهار الا وهم مقيدون عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم، هل هناك تسامح؟ هل هناك تسامح في هذه الحالة؟ اطلاقا، ماذا فعل هؤلاء
سرقوا وقتلوا وكفروا بعد ايمانهم وحاربوا الله ورسوله، فامر بهم رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقطع ايديهم وارجلهم وسمرت اعينهم كحلوا بمسامير الحديد المحماه وفقئت اعينهم كما فعلوا بالراعي،
قصاصا ثم القوا في الحره على الصخور الحاميه يستسقون الماء فلا يسقون وينزفون حتى الموت،
جزاء وفاقا بما فعلوا. والحديث في البخاري ومسلم.
ابن خطل الذي كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يوجد تسامح مع
الذي يسب النبي عليه الصلاه والسلام، دخل عام الفتح صلى الله عليه وسلم وعلى راسه
المغفر فلما نزعه جاء رجل فقال ان ابن خطل متعلق باستار الكعبة، هذا الكافر الان
يلوذ بالكعبة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوه، رواه البخاري ومسلم. قتلوه يؤخذ من
الكعبه ويقتل لا مسامحة، لماذا؟ كان مسلما فارسله النبي صلى الله عليه وسلم مع احد
الانصار واعطاهم خادما وفي الطريق قام ابن خطل فغضب عليه وقتله وارتد عن الاسلام واتخذ
جاريتين تغنيان بهجاء النبي عليه الصلاه والسلام، فكان الجزاء من جنس العمل جزاء وفاقا، وهكذا
لما جاء عقبه بن ابي معيط الذي كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ويسبه جيء به مقبوضا عليه الى النبي صلى الله عليه وسلم فاراد ان يقتله فقال
الكافر ساب النبي عليه الصلاه والسلام يا محمد من للصبية، اولادي الصغار، هل هناك تسامح،
من للصبيه قال ( النار)، النار لك وهكذا قتل هذا الرجل. والحديث رواه ابو داود،
وهو حديث حسن صحيح، النار عباره عن الضياع ان صلحت النار ان تكون كافله فهي
فيها، ان صلحت النار ان تكون كافيه لصبيتك تصلح انت عندئذ لكفالتهم، ليس لك بقاء
على وجه الارض ولا تستحق المعيشة، ويقتل وهكذا لما قامت امراه تشتم النبي صلى الله
عليه وسلم عند رجل اعمى من المسلمين فاخذ المغول فوضعه في بطنها واتكا عليها فقتلها،
فاهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم تلك المراه وقال: (الا اشهدوا ان دمها هدر).
رواه ابو داود. فلا تسامح في الحدود الشرعيه وساب النبي عليه الصلاه والسلام يقتل وهكذا
يقام الحد ولا تسامح، حد الرده ايضا ولذلك لما جاء معاذ بن جبل الى ابي
موسى وهما باليمن فالقى ابو موسى وساده اكراما لمعاذ، قال انزل واذا رجل عنده موثق
قال: “ما هذا؟” قال: “كان يهوديا فاسلم ثم تهود، ارتد، اجلس”، قال: “لا اجلس حتى
يقتل قضاء الله ورسوله، ثلاث مرات”، فامر به فقتل، حد الرده لا بد ان يقام
والحدود الاخرى ايضا اذا بلغت الحاكم والقاضي لا شفاعه ولا تسامح اتشفع في حد من
حدود الله، اذا القضيه ايها الاخوة: واضحه جدا لا يمكن التسامح في هذه الحالات، فمن
زعم ان التسامح على طول الخط فهو ضال مضل كذاب مفتر على هذه الشريعة، هناك
رحمه في الدين نعم، لعن الله من فرق بين والده وولدها، لا يباع الطفل ولو
كان في السبي وتباع امه الى شخص اخر، يباعان جميعا، لا يفرق بين الوالده وولدها،
حتى في سبيل الكفار رحمه بالوالدة، هناك تسامح في حالات كما مر معنا نعم، ولكن
في الحالات الاخرى لا، فينبغي ان نعرف اذا ما حقيقه التسامح في دين الاسلام. نسال
الله سبحانه وتعالى ان يجعلنا من المتخلقين باخلاق هذا الدين. اللهم احينا مسلمين وتوفنا مؤمنين
والحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه
هو الغفور الرحيم.
الخطبه الثانية:
الحمد لله رب العالمين، واشهد الا اله الا الله، الملك، الحق، المبين، واشهد ان نبينا
محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله، وصحبه، اجمعيين.
عباد الله:
لقد قام ائمه الاسلام وقاده الدين بضرب المثل في عزه الاسلام وعدم اسقاط حقوق الشريعة،
ولما كتب نقفور ملك الروم الى هارون الرشيد من نقفور ملك الروم الى هارون ملك
العرب اما بعد: فان الملكه التي كانت قبلي حملت اليك من اموالها ما كنت حقيقا
بحمل اضعافها اليها، يجب ان ترد اكثر مما اعطتك، لكن ذلك لضعف النساء وحمقهن، فاذا
قرات كتابي هذا فاردد ما حصل لك من اموالها، وافتد نفسك بما تقع به المصادره
لك قبل ان اصادر اموالك، والا فالسيف بيننا وبينك، فلما قرا الرشيد الكتاب، هذه عزه
المسلم استفزه الغضب حتى لم يقدر احد ان ينظر اليه دون ان يخاطبه، وتفرق جلسائه،
فدعا بدواه وكتب على ظهر الكتاب ” من هارون امير المؤمنين الى نقفور كلب الروم
قد قرات كتابك يا ابن الكافرة، قد قرات كتابك يا ابن الكافره -هذه عزه الاسلام،
وليس تسامح، وضعف وذل ومهانة، عند القدره جهاد- قد قرات كتابك يا ابن الكافره والجواب
ما تراه دون ما تسمعه”. ثم سار من يومه من يومه سار بجيوش المسلمين ففتح
وغنم حتى جاء بلاد نقفور حتى اضطر نقفور الى طلب المصالحه على خراج يحمله كل
سنه الى هارون، فاجابه الى ذلك.
وهكذا يقوم حاكم اخر، وخليفه من خلفاء المسلمين يبلغه ان ملك الروم جاء اهل ملطيه
المسلمين فاوقع فيهم مقتله عظيمه خلقا كثيرا قتلهم واسر ما لا يحصون كثرة، وقطع اذان
اسرى المسلمين وانوفهم، وسمل اعينهم وكان من جمله من اسر الف امراه من المسلمات فلما
سمع الخليفه بذلك انزعج جدا وصرخ في قصره بالنفير ثم نهض من فوره وامر بتعبئه
الجيوش، واستدعى القاضي والشهود فاشهدهم ان ما يملكه ثلثه صدقه وثلثه لولده وثلثه لمواليه، وقال
للامراء اي بلاد الروم امنع، قالوا عموريه لم يعرض لها احد منذ كان الاسلام فاستدعى
الجيوش وتجهز جهازا لم يجهزه احدا كان قبله، واخذ معه من الالات الحرب شيئا لم
يسمع بمثله وسار الى عموريه في جحافل عظيمه فانكاهم نكايه عظيمه وقتل من الكفار ثلاثين
الفا، وهكذا فعل عبد الرحمن الناصر رحمه الله في بلاد الاندلس لما تحداه ليون ونافار
من النصارى من ملوكم فقام ليثبت عزه الاسلام فهربوا امامه لا يهتدون سبيلا ولا يجدون
حيله والمسلمون على اثارهم يقتلون من ادركوه حتى حجزهم الظلام، وصلاح الدين الايوبي لما قدر
على ارناط، ارناط صاحب الكرك النصراني الذي كان يغير على قوافل الحجاج فيقتلهم، حجاج المسلمين،
ويسب النبي عليه الصلاه والسلام يستخف به، لما قدر عليه صلاح الدين وجيء به اليه،
هل هنا مجال للمسامحة، هل يوجد تسامح هنا؟ اطلاقا. قال له انا انتصر لمحمد صلى
الله عليه وسلم منك ثم عرض عليه الاسلام فابى فقتله صلاح الدين بيده قتله بيده
وصلاح الدين الايوبي لما قدر على ارناط، ارناط صاحب الكرك النصراني الذي كان يغير على
قوافل الحجاج فيقتلهم، حجاج المسلمين، ويسب النبي عليه الصلاه والسلام يستخف به، لما قدر عليه
صلاح الدين وجيء به اليه، هل هنا مجال للمسامحة، هل يوجد تسامح هنا؟ اطلاقا. قال
له انا انتصر لمحمد صلى الله عليه وسلم منك ثم عرض عليه الاسلام فابى فقتله
صلاح الدين بيده قتله بيده
وهكذا.
احكام الجهاد.
ايها الاخوة: وهنا مساله مهمه وهي الفرق بين جهاد المسلمين، وقتالهم للكفار وقتال الكفار للمسلمين،
ماذا يفعل المسلمون اذا قاتلوا الكفار، قلنا لا يقتلون صبيا ولا امراه لا يتعمدون قتل
النساء والاطفال واذا كان هناك فتح للمسلمين سلمت البلد اليهم لا يغدرون بها، اذا اهل
البلد سلموا ان يبقوا في البلد في ديارهم، تبقى الديار لهم، لا يخرجونهم من بيوتهم
ولا يغتصبونها منهم، وكذلك اذا صالحوهم على الذمه اخذ المال وامن الكفار، وبقيت معابدهم كما
هي بشرط الا يظهروا الكفر، اما الكفره اذا قاتلوا المسلمين فماذا كانوا يفعلون؟ الذين يقولون
اليوم الحضاره الغربيه احسن من الحضاره الاسلامية، الذين يقولون الحضاره الغربيه احسن من الحضاره الاسلاميه
هؤلاء كفار وايضا مغالطون للحقائق ظلمة، كفرة، ظلمه اوباش، فلنقرا اذا بعض ما كتبه بعض
مؤرخي الكفار عن النصارى لما دخلوا بيت المقدس، ماذا فعلوا فيها لنعرف الفرق بين طريقه
الفاتحين المسلمين اذا دخلوا بلدا وبين الكفار اذا دخلوا بلدا مسلما، يقول وليم الصوري نصراني
عن اصحابه الذين دخلوا بيت المقدس وكان المسلمون فيه، لا يرعون امان ولو طلب المسلمون
ونزلوا عليه، يعطونهم الامان ثم يغدرون بهم، قال اندفعوا اي النصارى هنا وهناك خلال شوارع
ومساحات المدينة، مستلين سيوفهم وبحمايه دروعهم وخوذهم وقتلوا جميع من صادفوا من الاعداء، يعني يقصد
المسلمين، بصرف النظر عن العمر او الحاله ودون التمييز وقد انتشرت المذابح المخيفه في كل
مكان، وتكدست الرؤوس المقطوعه في كل ناحية، بحيث تعذر الانتقال على الفور من مكان لاخر
الا على جثث المقتولين، وكان سفك الدماء رهيبا جدا لدرجه عانى فيها حتى المنتصرون من
احاسيس الرعب والاشمئزاز وغمر المكان كله دم الضحايا، وبات من المحال النظر الى الاعداد الكبيره
من المفتولين دون هلع، وكانت الارض مغطاه بدم القتلى، ولم يكن مشهد الجثث التي فصلت
الرؤوس عنها والاضلاع المبتوره المتناثره هذا فرق المسلمون لا يمثلون بجثث القتلى، الكفار يقطعون الاعضاء
وما فعلوه في هذا الزمان في البوسنه وكوسوفا وغيرها وما يفعله النصارى في الشيشان والهندوس
في كشمير شيء معروف فظيع، كان هؤلاء الملطخون بالدم من رؤوسهم الى اقدامهم يتتبعون السكان
من الكبار والصغار الاطفال النساء الشيوخ في كل مكان من ازقه المدينه يدخلونها عليهم في
الشوارع الكبيره والصغيره وياخذون من الطرق الفرعيه كل من قدروا عليه يسحبونهم ويذبحونهم كالاغنام قبضوا
على ارباب الاسر وزوجاتهم واطفالهم وقتلت هؤلاء الضحايا وقذف بهم من مكان مرتفع حيث هلكوا
بشكل ماساوي وكانوا ياخذون الاطفال الصغار يضربون الجدران برؤوسهم حتى تتفت رؤوس صبيان المسلمين الصغار
على تلك الجدران. هذه الحضاره الغربيه التي هي احسن من الاسلام كما يقولون اليوم. وادعى
كل واحد من المغيرين ملكيه دائمه للمنزل الذي كان قد اقتحمه وذلك بالاضافه الى تملك
كل ما كان موجودا فيه، هكذا اذا سلبوا بيوت الناس، بعد العهد والامان وصلت دماؤهم
لمستوى الركب، واخذ بعض الناس وجعلوا في مبنى ثم احرق المبنى بمن فيه، وهكذا يفعل
اليهود والنصارى هذه الحضارة. هذا ما يفعلونه وياخذ اليهود اليوم ياخذون هؤلاء الصبيه يفعلون فيهم
الافاعيل، وكذلك النسوه وصور الذل والاهانه على المعابر موجودة، اوقفوا شيخا كبيرا على حمار له
لان الطرق مغلقة، اجبره الجندي اليهودي على النزول وتقبيل دبر الحمار والا قتله، وهكذا تقبيل
حذاء الجندي اليهودي ثم يركله فيكسر اسنانه، هذه حضارتهم. يتباهون بالمعونات ثم يقصفون الناس على
رؤوسهم اين الرحمه في هذه الحضارة؟ عندما تجرب الاسلحه في الشعوب المسكينه المغلوبه اين الرحمه
في هذه الحضارة؟ ايها الاخوه وتعاني الشعوب المسلمه ما تعاني وهؤلاء الان اللاجئون الافغان تنتشر
بينهم الامراض امراض خطيره وبعضها نزيف حتى الموت، بعد ان كانوا امنين في بيوتهم ماذا
فعلت الحضارة؟ ايها الاخوه ولذلك فانه لا بد من نجده اخواننا المسلمين والصدقه لهم وتقديم
المعونات ولذلك فان من الواجب علينا ان نساعد ونعين بقدر الامكان وسيكون لذلك ان شاء
الله بعد الخطبه والصلاه مجال لتقديم الصدقات لاخواننا المنكوبين في بلاد الافغان.
اللهم انا نسالك النصر للاسلام واهله يا رب العالمين، اللهم انا نسالك ان ترفع علم
الجهاد، وان تقمع الزيغ، والفساد، والعناد، وان تنشر رحمتك على العباد، اللهم عاجل اليهود، والصليبيين
بنقمتك يا رب العالمين، زلزل الارض من تحت اقدامهم، وانزل عليهم عذابا من فوقهم، وارنا
فيهم ايه من اياتك يا رب العالمين، اللهم من اراد بلاد المسلمين بسوء فاجعل كيده
في نحره، وامكر به، وزلزله وخذه اخذ عزيز مقتدر يا عزيز يا مقتدر، اللهم انا
نسالك ان تجعل فرج المسلمين قريبا، اللهم اجعلنا في بلادنا امنين مطمئنين امنا في الاوطان
والدور واصلح الائمه وولاه الامور، ووفق ولاه المسلمين للعمل بكتابك وسنه نبيك صلى الله عليه
وسلم، واقامه الجهاد في الامه يا رب العالمين، سبحان ربك رب العزه عما يصفون وسلام
على المرسلين والحمد لله رب العالمين.