اسم زوجه سيدنا ايوب
اشار اليها القران الكريم مرتين دون ان يذكر اسمها، كلتاهما جاءتا في سياق الحديث عن
ايوب النبي عليه الصلاه والسلام، وذكرت فيهما بصفتها “اهله”، اي زوجته.
قال الله تعالى: ((واذكر عبدنا ايوب اذ نادى ربه اني مسني الشيطان بنصب وعذاب *
ركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب * ووهبنا له اهله ومثلهم معهم رحمه منا وذكرى
لاولي الالباب )) ( ص 41 – 43 )
وجاءت الايه الثانيه في قوله تعالى: (( واتيناه اهله ومثلهم معهم رحمه من عندنا وذكرى
للعابدين )) ( الانبياء 84 )
فمن هي اهله، او زوجته هذه؟ وما اسمها؟ وما قصتها مع زوجها؟ وكيف كافاها الله
تعالى على صبرها واخلاصها؟
هذه المراه هي “رحمة” زوجه النبي ايوب عليه السلام، وحفيده النبي يوسف عليه السلام، وفي
اسمها خلاف عند المفسرين، فيقال انها “ليا”، بنت يعقوب، ويقال ان اسمها كان “ناعسة”، ويرجح
المفسرون ان اسمها كان “رحمة” او “رحيمه بنت افرائيم بن يوسف بن يعقوب”، والله اعلم.
ذكرت رحمه في القران ضمنا حيث جاءت قصه ايوب في القران الكريم في عده ايات
ومن ذلك قوله تعالى : ((وايوب اذ نادى ربه اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين
)) ( الانبياء 83 ). وجاء في تفسير القران في شرح الايات التي تحدثت عن
ايوب عليه السلام وابتلائه وصبره وكذلك في كتب الاخبار والسير ان رحمه زوجه ايوب كانت
وفيه مخلصه لزوجها عاشت معه وفيه باخلاص في السراء والضراء وصبرت على فقر ومرض زوجها
مده طويله ، وقفت بجانبه ولم تتخل عنه لحظه بعد ابتلائه الى ان انعم الله
تعالى عليه بالشفاء . واعاد اليه صحته وماله.
وكان الله تعالى قد انعم على ايوب بنعم كثيره فبسط عليه في الدنيا فكان يمتلك
اراض واسعه بالشام وكان له من اصناف المال كله من الابل والبقر والغنم والخيل والحمير
مالا يكون لرجل افضل منه في العده والكثره وانعم الله عليه بالمال والولد واسبغ عليه
من الصحه والعافيه فكانت النعمه تامه على ايوب .
ولحكمه يعلمها الله وليتعظ الناس ويعتبروا بان النعمه لا تدوم وليبتلى الله عباده فيعلم الشكور
للنعمه والصابر على زوالها وعند الشده بفقد الولد وزوال الصحه وضياع المال .والفتنه والابتلاء والشده
لا يصبر ولا يقوى على تحملها الا الرجال المؤمنون .وهذا ما حدث لايوب الصابر وزوجته
الوفيه .
فقد زال كل ماله ومات كل اولاده واصيب بالامراض فاعتلت صحته وهزل جسمه وظل يعانى
من الام الفقر وعذاب المرض والوحشه فقد اصبح بلا ابن ولا اخ ولا صديق فقد
مات ابناؤه وتخلى عنه الاهل والاصدقاء بعد ابتلائه.ولكن زوجته رحمه هي الوحيده التي وقفت بجانبه
باخلاص وصبر تواسيه وتشد من ازره وتحثه على الصبر وتخفف عنه الام المرض وترفع من
روحه المعنويه وتخدمه وتحمد الله معه وايوب على ما به من ضر وبلاء لا يقتر
عن ذكر الله ، وكانت تسعى للحصول على رزقها ورزق زوجها بكفاحها وعملها وعرق جبينها
وكد يمينها وقيل انها كانت تعمل في اقسى الاعمال واشقها وفى الاعمال التي لا تناسب
مكانتها السابقه ولكن كلها كانت شريفه لا تمس شرفها وكانت تضطرها شده الحاجه الى التسول
وسؤال الناس وقد الجاتها شده الحاجه الى ان تجذ شعرها وتبيعه للحصول على طعام بثمنه
لزوجها .
وكانت رحمه جميله فتعرضت لمضايقات الكثير واغرائهم لها بالمال والهدايا الثمينه ولكنها كانت عفيفه شريفه
حره فتردهم في حزم وصرامه .وقد عرض احد الرجال الاثرياء الاقوياء ممن يتمتعون بنفوذ قوى
وجاه وسطوه الزواج على رحمه وتركها لايوب المبتلى الذي اصبح لا يقوى على الحركه .
لكنها صدته بعنف وحزم ورفضت هذا العرض السخي في اباء وشمم ، وفضلت الوفاء على
هذا الاغراء ..
هذه الزوجه هي التي اقسم نبي الله ايوب ان يضربها مائه سوط، واليكم قصتهما:
ابتلى الله تعالى ايوب عليه السلام بان ارسل اليه نارا اجتاحت ارزاقه وقضت عليه، فلم
يهتز ايمانه ويقينه بالله تعالى، بل صبر واحتسب كعبد شكور راض بحكم الله تعالى وبمشيئته،
واصبح مضرب الامثال في صبره، حتى ليقال “صبر ايوب”.
وزادت عليه المحن بان ابتلاه الرحمن بالمرض، فهزل جسمه، وشحب لونه، ونزت جروحه وقروحه، فصبر،
وصبرت معه زوجته رحمه مؤمنه راضيه بكل ما ياتي من الله سبحانه…وانفض الناس من حوله
الا “رحمة” التي بقيت الى جانبه تسانده وتداريه.ولما ضاقت بهما اسباب العيش صارت تخدم عند
الناس لتقدم لقمه العيش لزوجها العليل، وكانت صابره محتسبة. وقالت لزوجها ذات يوم: “ادع الله
يا رجل ان يرفع عنك الضر،ويمن عليك بالشفاء”، فقال لها ايوب: “والله يا امراه اني
لاستحي من ربي ان اطلب منه ذلك، وهو العليم الخبير بحالي وبشؤون عباده، ولو شاء
لرفع المرض عني…”، ثم كررت عليه طلبها مرار، فغضب من الحاحه، وظن ان ايمانها بالله
قد ضعف، وصبرها على نوائب الدهر قد نفد، فانذرها: ان شفاه اله من مرضه، واخرجه
من محنته، واعاد اليه صحته وقوته ليضربنها مائه سوط، وعزم ان لا ياكل من يدها
طعام، ولا يذوق شراب، ولا يطلب منها شيئ، حتى يقضي الله امره.
وبات ايوب عليه السلام وحيد، فتفاقمت الامه واوجاعه الجسميه والنفسية، واصبح وحيدا لا مؤنس له،
فدعا ربه في لحظه ضيق وياس وضعف، ونادى ربه قائلا: “اني مسني الضر وانت ارحم
الراحمين”، فاستجاب له ربه وكشف ما به من ضر: “واتيناه اهله ومثلهم معهم رحمه من
عندنا وذكرى للعابدين”، واوحى اليه: “اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب”.
فاغتسل ايوب بالماء، وشرب كما امره ربه، فعافاه الله من مرضه، واعاد له القوه والصحه
الجمال، فلما راته زوجته “رحمة” انكرته ولم تعرفه، ولكنها حين اقبلت عليه وتحادثا عرفته، واخذت
تبكي لله شكرا له بان من على زوجها بالشفاء، فنظر اليها زوجها معاتبا اياها على
الحاحه، ثم احتار كيف يبر بقسمه ويضرب المراه التي حنت عليه ورعته في مرضه، وصبرت
على ابتلائها معه، فاوحى اليه الله تعالى بفتوى يبر بها قسمه، فقال له: ((وخذ بيدك
ضغثا فاضرب به ولا تحنث انا وجدناه صابرا نعم العبد انه اواب )) ( ص
44 )
وهكذا جازاهما الله تعالى على صبرهما في محنتهم، واحسن لهما الجزاء، ورد عليهما المال، ورزق
نبيه عليه السلام من البنين مثل ما كان لديه، وذلك مصداق لقوله تعالى:((ووهبنا له اهله
ومثلهم معهم رحمه منا وذكرى لاولي الالباب )) ( ص 43 )