ادعية لرحمك الله يا اخي , بكاء أخ على أخيه
رحمك الله يا اخي …علمتني الكثير بصمتك !
انتقل اخي الشاب الى رحمه الله ..
والناس يستعدون للعوده لوظائفهم كان اخي يستعد للعوده الى خالقه ومولاه فما نحن الا مسافرون
خرجنا من دارنا
وننتظر العوده الى دار المستقر ، فاسال الله ان يعيده الى جنه الخلد انه هو
الرحيم المجيب ..
عاش اخي في بلاء ..
ومن بلاء الى بلاء ..
حتى فاضت روحه الى بارئها بكل يسر وسلام..
وعزائنا ان اهل البلاء في المراتب العاليه عند الله
وفي الحديث (يود اهل العافيه يوم القيامه حين يعطى اهل البلاء الثواب لو ان جلودهم
كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض )
عانى في سنواته الاخيره من التهابات وتقرحات حاده في امعاءه نتيجه مرض نادر طبيا لا
يعرفون له سببا واضحا لكنها مشيئه الله سبحانه..
مات ولم يكن احدنا يتوقع ان الشاب الذي تزوج من قريب وانجب طفلته الاولى سوف
يموت فجاه !
ما جبر قلبي وشرح صدري ولئم جرحي انه مات بسبب مرض بطنه وهذا يعني انه
شهيد باذن الله بحسب الحديث النبوي ( والمبطون شهيد )
تم كل شيء بسرعه..
الغسل..الدفن..وحتى الوصول الى القبر !
كان الظل يغطي قبره بالكامل ،فسالت الله ان يظله تحت ظله يوم لا ظل الا
ظله ..
للفراق الم ..
للفراق حزن..
لكن ليس للمسلم الى الرضا بما كتب وقدر الله له ..
ووالله ان الله لا يختار لعباده الا الخير ، وطالما اختاره شهيدا باذن الله في
هذه اللحظه فانه يريد له الخير ..
كيف لا وهو سبحانه من حفظه في الدنيا عن الاخلاق السيئه ، واني اشهد له
امام الله سبحانه وتعالى بانه
لم يكن من اهل الغيبة!
لم يكن من اهل النميمه !
لم يكن يحب التحدث في احد بالسوء !
يشهد الله اني اريد ان اتذكر له مواقف اتذكر انه تكلم في احد بالسوء فاكاد
لا اجد اطلاقا !
بل انه ان انزعج من احد ويوشك ان يتكلم فيه بسرعه يقطع الكلام ويقوم بتغيير
الموضوع!
كان من عادته ان راى احد يتكلم في احد ان يقول كلمته المشهوره ( اقفل
الموضوع )
لم يكن يحب الكلام في اي احد ، ولم يكن يحب ان يستمع لاحد يتكلم
في الاخرين
كان لسانه عفيفا لا يعرف البذاءه ولا الفحش ..
اما عن قلبه فلم ارى اعجب منه !
كان متسامحا للغايه لدرجه انه تعرض للظلم كثيرا
ووالله لم يتكلم عن من ظلمه بالسوء اطلاقا !
وكانه لم يظلم اصلا!
لا عجب ان الله يحب تلك القلوب ولا ازكيه على الله ولكن كل من عرفه
شهد له بالخير وطيبه القلب
والكل حزين ويفتقدون ذلك القلب الطيب الذي تعاملوا معه وعرفوه وشهدوا له ..
احد زملائه اقترب مني وقال لي ، والله كل من بالعمل حزنوا بشده لفراقه ويشهدوا
له بطيبه القلب وانه رجل لا يؤذي احدا ..
فتذكرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( انتم شهود الله في الارض ،
فمن شهد له الناس بالخير فقد وجبت له الجنه ..)
ولو اردت ان اتذكر شخصا يكره اخي ، فاقسم بالله اني لا اعرف احدا يكرهه
!
كان مسالما للاخرين رغم ان لديه شخصيه قويه ، لكنه لم يكن يفرض شخصيته على
احد ولم يكن يرغب في ايذاء احد
وكان يفضل التسامح ، ولا يحاول الاخذ بثاره بل يتناسى الالم ويمضي في حياته ..
بل حتى في تعامله مع البسطاء من عمال النظافه وغيرهم كان دمث الاخلاق معهم ويعاملهم
باحترام شديد
ولا يحب التكبر او الاستقواء على الضعفاء اطلاقا بل كان يرحمهم ويحسن اليهم ويتعاطف معهم..
كان لين الجانب لا يحب تعقيد الامور ، ويحب ان ياخذ الحياه ببساطه ويتعامل بسلاسه
شديده مع الاخرين
وفي الحديث ( تحرم النار على كل هين لين )
احب فيه احترامه وتقديره لي ولجميع اخوته ..
كان لا يحب الجدال قط ، بل ان بدا احدهم في جداله فانه ينصرف بهدووء
، فتذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم ( انا زعيم ببيت بربض الجنه لمن
ترك المراء وهو محق )
المراء يعني الجدال .
احيانا يطلب مني طلب واكون لا استطيع تلبيته فاقول له لا استطيع ، فينصرف بهدووء
فيشعرني بصغري امام ادبه وهدوءه واخلاقه ، وفي احد المرات شعرت اني كنت لئيما معه
لانه كان يريد سيارتي وكنت بحاجتها واعتذرت بعدم استطاعتي ، وكعادته صمت وانصرف فلم يكن
يحب الالحاح او ازعاج الاخرين ، فاخذته واحتضنته وقبلت راسه وطلبت منه ان يسامحني وان
هذه سيارتي تحت تصرفه .
ما اسرع الزمن يا اخي وكم مضت حياتنا سريعا ، واسال الله الذي جمعني بك
في بيت واحد ومن اسره واحده ان لا يحرمني من رؤيتك في الفردوس الاعلى على
سرر متقابلين انه هو السميع المجيب.
وفي الحديث: ( يشفع الشهيد في سبيعن من اهله )
عدت من الجنازه بعد ان سلمناه الى مولاه وخالقه وبارئه ومن هو ارحم به من
امه ووالده ، وطلبت ان ارى ابنته الطفله التي اكملت للتو عامها الاول ، فاحضرتها
والدتي الي..
نظرت الي بنظرات حزينه ولسان حالها يقول هل رايت يا عمي ما حصل لابي !
احتضنتها بقلبي قبل صدري ولم ادري الا والدموع تتصبب من عيني وانا اقول لها لا
تحزني يا ابنتي فابوك لم يمت ميته سوء بل مات مبطونا ونحسبه شهيدا باذن الله
تعالى فرح بما اتاه الله من فضله.
استسلمت لحضني تماما واستكانت حركتها ، وكان لسان حالها يقول الان اطمئن قلبي على والدي
يا عمي .
تذكرت وانا احضنها ذلك التصرف العجيب منها في الليله السابقه لوفاه والدها رحمه الله ،
حيث حملتها فاذا بها تحتضني بقوووه وكانها خائفه من شيء ما !!
هل كانت تشعر ان والدها سوف يغادر دار الدنيا الى الحياه الاخره ؟
والاعجب من ذلك انه وقبل وفاه اخي بيوم فقط دخل اخي علينا ونحن جلوس وفي
يده ابنته وكان في منظر عجيب وقد اطال الجلوس وكانه يودعنا!
وهبه الله وسامه وجمال الخلق والاخلاق ، لكن في تلك الليله وتلك الزياره كان مظهره
عجيبا !
كانت تبدوا عليه علامات الارتياح الشديد وكان الله يهيئه للقاءه بعد يوم واحد فقط !
اعجبني منظره فقد كان يشرح الصدر ، ولاحظت اختي ذلك ..
وفجاه حصل امر عجيب !
قامت ابنته باحتضانه بقوه ، فاندهش وهو ينظر الى اختي ويبتسم ويقول انظري..انظري
لاول مره تحتضني بهذا الشكل !
كانت تحتضنه وكانها تعلم يقينا ان والدها سوف يغادر هذه الدنيا الفانيه قريبا…اقرب مما كنا
نتصور!
وكانها بحضنها تقول له الى اللقاء يا ابي ، سافتقدك وساشتاق لك فدعني اخذ نصيبي
من حضنك ..
بعد وفاته اخذت اتفكر في ذلك المرض الذي اصابه في بطنه وكان سببا مباشرا في
ان جعله الله مبطونا
كان مرضه يجعله يصاب بنوبات شبه متتاليه من الالم ..
والاعجب من كل ذلك ، انه طوال مرضه الذي امتد لسنوات لم يشكو لاحد من
مرضه اطلاقا !!
بل اني حين الح عليه بالسؤال عن مرضه كان يجيبني بهدوء ورضاء بقضاء الله ويقول
( الحمد لله )
وحتى يوم وفاته رغم اشتداد المرض عليه الا انه لم يشكوا بكلمه واحدة
او يظهر رغبه في الشكوى ، بل كان يقول بادبه المعتاد ( اتركوني اريد ان
انام )
تساءلت عن ذلك النعاس الشديد والعجيب الذي حل عليه قبيل وفاته
فتذكرت قول الله تعالى : ( انما يغشيهم النعاس امنه منه )
نعم
هناك من يفزع عند موته ..
هناك من يصاب بالهلع ..
هناك من ان اصابه الم بسيط يهرع ويجن جنونه..
لكن اخي كان مختلفا تماما ، كان يشعر بهدووء عجيب !!
كان يشعر بنعاس لذيذ وكان الله يطمئنه قبل خروج روحه حتى يغادر الحياه الدنيا الى
الحياه الابديه دون فزع ..
فاضت روحه بهدووء ، وكانت ملامحه هادئه للغاية..
دفناه بهدوء ، وغادرنا بهدوء ..
وكم من اناس عاشوا بهدوء بين الناس وكان ذكرهم عالي عند خالق الارض والسموات
وفي الحديث :(ان المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجه الصائم القائم )
رحلت يا اخي من دار الكد والتعب الى دار الراحه والسعاده الابديه بحول الله وقوته
..
رحلت ولكنك علمتني الكثير بصمتك ..
فمن يطيق ما كنت تعانيه من الام بسبب مرضك ، لكن كنت تجاهد نفسك لتظهر
امامنا بمظهر السليم المعافى
كم تعجبت لقوه صبرك ، فمن ذا الذي يستطيع الصبر وهو يعاني من كل هذه
الالام المبرحه !
اريد تذكر كلمه واحده اشتكيت فيها من مرضك امامنا فاكاد لا اجد !
صبر عجيب ، واسال الله ان يجعلك ممن قال فيهم ( انما يوفى الصابرون اجرهم
بغير حساب )
الى الملتقى يا اخي باذن الله تعالى ، وانا لله وانا اليه راجعون.
اللهم يامن قبضت روح اخي في شبابه وقبله روح اخته الشابه وكلاهما مبطون اسالك سبحانك
وتعالى
ان تجمعنا بهم في دار رحمتك ومستقرك وجميع موتى المسلمين
انك انت السميع المجيب
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين..