احسن انسان في العالم
محمد صلى الله عليه وسلم هو الاعظم انه بحق الاعظم كيف لا وقد اصطفاه الله
على بني ادم وهو خاتم الانبياء والمرسلين ارسله ربه رحمه للعالمين ليخرج الناس من الظلمات
الى النور .
انه الاعظم فاذا كان في البشريه من يستحق العظمه فهو محمد ، هذا كلام علماء
الغرب المنصفين . والمسلمين يؤمنون به ويحترمونه ويوقرونه ويبجلونه . فهو قدوتنا العليا وهو شفيعنا
يوم القيامه وقائدنا الى الجنه . ان محمدا صلى الله عليه وسلم يستحق العظمه .
كيف لا وقد اخرج الله به الناس من الظلمات الى النور وهداهم الى صراط مستقيم
.
عن انس : ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى بالبراق ليله اسري به ملجما
مسرجا، فاستصعب عليه ، فقال له جبريل : ابمحمد تفعل هذا ؟ فما ركبك احد
اكرم على الله منه . قال : فارفض عرقا .
انه ” رجل واحد في مقابل جميع الرجال ” ، الذي استطاع بنصر الله له
وبصدق عزيمته وباخلاصه في دعوته ان يقف امام الجميع ليدحض الباطل ويظهر الحق حتى يحق
الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون .
ان هذا الرجل العظيم الذي استطاع ان يقف امام العالم اجمع وامام جهالات قريش وكفرها
العنيد وامام الاصنام وعباده الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده
لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، انه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس
فقط من اتباعه بل من كل من يفهموا العبقريه وخصائصها .
ان الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديره بان يحصل على نوط الامتياز ويحظى
بكل تقدير واحترام . انه بحق الاعظم .
فهل بعد ذلك يوجد اي رجل اعظم منه ؟ كلا ، لا يوجد رجل اعظم
منه فقد عاش حياته كلها في خدمه البشريه جمعاء وجاء بالدين الخاتم والمسعد لجميع البشر
.
ان هذا الرجل العظيم محمد صلى الله عليه وسلم بحق رجل لم تنجب البشريه مثله
كيف لا وقد قال عنه الجبار ” ورفعنا لك ذكرك ” .. وقال تعالى ”
وانك لعلى خلق عظيم ” .
اذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم نعمه انعم الله به علينا فانه حري بنا
حينما نتذكر النعمه نتذكر المنعم بها ونشكره عليها. وهذا الشكر يستوجب منا ان نتمسك بكتاب
الله تعالى وسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا لقوله تعالى: { لقد كان
لكم في رسول الله اسوه حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الاخر} (سوره الاحزاب /ايه
21). فما اعظم هذه النعمه وما اعظمك يا رسول الله وقد منحك الله سبحانه من
كمالات الدنيا والاخره ما لم يمنحه غيره من قبله او بعده . وقد اعطاه الله
في الدنيا شرف النسب وكمال الخلقة، وجمال الصوره وقوه العقل، وصحه الفهم وفصاحه اللسان وقوه
الحواس والاعضاء، والاخلاق العليه والاداب الشرعيه من: الدين، والعلم، والحلم والصبر والزهد والشكر والعدل والتواضع
والعفو والعفه والجود والشجاعه والحياء والمروءه والسكينه والتؤده والوقار والهيبه والرحمه وحسن المعاشره ما لا
يستطاع وصفه وحصره.
فما اعظمك يا رسول الله ولقد صدق ربنا سبحانه وتعالى اذ يقول في شانك ووصفك{وانك
لعلى خلق عظيم} (سوره القلم/ ايه 4).
وها نحن ناتي الى نبذه يسيره من محاسن صفاته ومحاسن ادابه لتكون لنا نموذجا نسير
عليه حتى نكون على قدم نبينا صلى الله عليه وسلم.
اعميت عيني عن الدنيا وزينتها — فانت والروح شيء غير مفترق
اذا ذكرتك وافى مقلتي ارق — من اول الليل حتى مطلع الفلق
وما تطابقت الاجفان عن سنه — الا وانك بين الجفن والحدق
نسبه صلى الله عليه وسلم
اما شرف نسبه وكرم بلده ومنشئه فان نسبه صلى الله عليه وسلم ينتهي الى اسماعيل
بن ابراهيم. نسب شريف واباء طاهرون وامهات طاهرات؛ فهو من صميم قريش التي لها القدم
الاولى في الشرف وعلو المكانه بين العرب.
ولا تجد في سلسله ابائه الا كراما ليس فيهم مسترذل بل كلهم ساده قادة، وكذلك
امهات ابائه من ارفع قبائلهن وكل اجتماع بين ابائه وامهاته كان شرعيا بحسب الاصول العربيه
ولم ينل نسبه شيء من سفاح الجاهليه بل طهره الله من ذلك.
روى مسلم عن واثله بن الاسقع قال: سمعت رسول الله عليه و سلم يقول: “ان
الله اصطفى كنانه من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانه واصطفى من قريش بني هاشم
واصطفاني من بني هاشم”.
كمال خلقته صلى الله عليه وسلم
اما صورته وجماله وتناسب اعضائه وحسنه فقد جاءت الاثار الصحيحه المشهوره بذلك وكثر الواصفون لحسن
جماله صلى الله عليه وسلم ومنها انه كان ابيض مشربا بالحمرة، ازهر اللون، ظاهر الوضاءة،
واسع الجبين، كث اللحيه سخل الخدين، ابيض الاسنان اذا تكلم كان النور ينهمر من فمه
ويكفي في وصفه قول ابو هريره رضي الله عنه: ما رايت شيئا احسن من رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان الشمس تجري في وجهه. ووصفه بعض اصحابه فقال: كان
رسول الله فخما مفهما يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليله البدر.
واخرج البزار باسناد حسن عن عائشه رضي الله عنها قالت تمثلت في ابي:
وابيض يستسقى الغمام بوجهه — ربيع اليتامى عصمه للارامل
فقال ابي(تعني ابا بكر): ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
لئن اعطي سيدنا يوسف شطر الجمال فقد اعطي محمد صلى الله عليه وسلم الحسن كله
.
عظمه خلقه وحلمه وعفوه
واما الاخلاق الحميده والاداب الشريفه فجميعها كانت خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم على
الانتهاء في كمالها ويكفيك من ذلك شهاده رب العالمين في اذ يقول( وانك لعلى خلق
عظيم) ،ويقول النبي عن نفسه (ادبني ربي فاحسن تاديبي) ، وفي ذلك قول عائشه ام
المؤمنين رضي الله عنها حين سئلت: كيف كان خلق رسول الله فقالت”كان خلقه القرءان” اي
كل خصله خير في القرءان هي في رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقالت عائشه رضي الله عنها في وصف خلقه ايضا:”لم يكن رسول الله فاحشا ولا متفحشا
ولا يجزي السيئه السيئه ولكن يعفو ويصفح وقالت: ما انتقم رسول الله صلى الله عليه
وسلم لنفسه الا ان تنتهك حرمه الله تعالى.
وفي حيائه يقول ابو سعيد الخدري رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم اشد حياء من العذراء في خدرها وكان اذا كره شيئا عرفناه في وجهه” رواه
البخاري.
وكان الحلم والعفو مع المقدره من اوصافه صلى الله عليه وسلم فقد امره ربه تعالى
ان ياخذ العفو من اخلاق الناس فقال تعالى {خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين}
(الاعراف/169).
فما من حليم الا عرفت له زله اما نبينا الاعظم عليه الصلاه والسلام فكان لا
يزيد مع كثره الايذاء الا صبرا، ومع اسراف الجاهل الا حلما. ومما يدل على ذلك
قوله عليه الصلاه والسلام: “اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون” بعدما فعلوا به وباصحابه ما
فعلوا. وكذلك قوله عليه الصلاه والسلام في الذين اخرجوه من دياره ونكلوا بهم وقاتلوه وحرضوا
عليه قبائل العرب وغيرهم “اذهبوا فانتم الطلقاء” وذلك يوم الفتح.
وروى انس بن مالك رضي الله عنه قال:”كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم وعليه
برد غليظ الحاشيه فجذ به اعرابي بردائه جذبه شديده حتى اثرت حاشيه البرد في صفحه
عنقه ثم قال: يا محمد احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك
فانك لا تحمل لي من مالك ولا من مال ابيك!!!
فسكت عليه الصلاه والسلام ثم قال: المال مال الله وانا عبده واعطاه ما طلب، فهل
هناك في الحلم والعفو في مثله صلى الله عليه وسلم.
جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم
اما الجود والكرم والسخاء والسماحه فقد خلقت معه منذ ان نشا عليه الصلاه والسلام، فقد
فاق كل كرماء العرب والعجم ووصفه بذلك كل من عرفه: قال جابر رضي الله عنه:
ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فقال: لا، وقال ابن عباس
رضي الله عنه: كان عليه الصلاه والسلام اجود الناس بالخير واجود ما يكون في رمضان.
وكان اذا لقيه جبريل اجود بالخير من الريح المرسلة.
وروى مسلم عن انس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم على الاسلام شيئا قط الا اعطاه، فاتاه رجل فساله، فامر له بغنم بين جبلين،
فاتى قومه فقال: اسلموا فان محمدا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة”.
شجاعته صلى الله عليه وسلم
اما من اخبار شجاعته صلى الله عليه وسلم فقد حضر عليه الصلاه والسلام المواقف الصعبه
وفر الشجعان و الابطال عنه غير مره وهو ثابت لا يبرح ومقبل لا يدبر ولا
يتزحزح وقال فيه بعض الصحابة: انا كنا اذا اشتد الباس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله
صلى عليه وسلم فما يكون احد اقرب الى العدو منه، ولقد رايتني يوم بدر ونحن
نلوذ بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو اقربنا الى العدو وكان من اشد الناس يومئذ
باسا.
وقال ابن عمر: ما رايت اشجع ولا ابحر ولا اجود ولا ارضى من رسول الله
صلى الله عليه وسلم.
زهده وتواضعه عليه الصلاه والسلام
وما جاء في زهده عليه الصلاه والسلام وتواضعه واختياره الدار الاخره فكثير منها ما رواه
البيهقي والترمذي وابن ماجه عن عبد الله انه قال: اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم
على حصير فاثر الحصير بجلده، فجعلت امسحه واقول: بابي انت وامي يا رسول الله الا
اذنتنا فنبسط لك شيئا يقيك منه تنام عليه فقال عليه الصلاه والسلام: “مالي وللدنيا، وما
انا والدنيا، انما انا والدنيا كراكب استظل تحت شجره ثم راح وتركها”.
ومما يشهد على زهده عليه الصلاه والسلام انه كان يمر الشهر والشهران ولا يوقد في
بيت رسول الله نار فقالوا: ما كان طعامكم قالوا: الاسودان التمر والماء.
واكبر شاهد على تقلله من الدنيا واعراضه عن زهرتها انه توفي عليه الصلاه والسلام ودرعه
مرهونه عند يهودي ولم يترك قصرا ولا متاعا كثيرا بل كان بيته متواضعا ومتاعه في
غايه التواضع وكان صلى الله عليه وسلم يوصي بترك التنعم كما في الحديث:” واياك والتنعم
فان عباد الله ليسوا بالمتنعمين”.
عن عمر بن الخطاب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا تطروني كما اطرت النصارى ابن مريم ، انما انا عبد ، فقولوا : عبد
الله ورسوله .
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم قوله : ( لا تفضلوني على يونس بن متى
، و لا تفضلوا بين الانبياء ، و لا تخيروني على موسى . )
و قال للذي قال له : يا خير البريه : ذاك ابراهيم .
خوفه عليه الصلاه والسلام وطاعته لربه تعالى
اما شده خوفه عليه الصلاه والسلام من الله شده طاعته وعبادته فعلى قدر علمه بربه
ولذلك تمدح ومدح نفسه بقوله:” انا اعلمكم بالله واشدكم لله خشية” معناه انا اكثركم علما
بصفات الله تعالى ومعرفه بامور التوحيد والتنزيه والخشيه لله تبارك وتعالى، وقال عليه الصلاه والسلام
ايضا “لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، اني ارى مالا ترون واسمع مالا
تسمعون اطت السموات وحق لها ان تئط ما فيها موضع اربع اصابع الا وفيه ملك
ساجد”.
ومعنى اطت صدر منها صوت من الحمل الذي عليها وفي هذا الحديث دليل على ان
السماء مسكن للملائكه الكرام وليست مكانا لله تعالى كما يظن المشبهه تعالى الله عن ذلك.
وروى المغيره بن شعبه قال: قام رسول الله عليه الصلاه والسلام حتى تورمت قدماه فقيل
يا رسول الله اليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تاخر؟
قال: افلا اكون عبدا شكورا”.
طيب ريحه صلى الله عليه وسلم
واما طيب ريحه فقد كان صلى الله عليه وسلم طيبا مطيبا من غير طيب وكانت
رائحته الطيبه تفوح على انواع العطور والطيب، روى مسلم عن انس رضي الله عنه قال:”ما
شممت شيئا قط مسكا ولا عنبرا اطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن جابر بن سمره انه عليه الصلاه والسلام مسح خده قال: فوجدت ليده بردا وريحا
كانما اخرجها من جؤنه عطار اي كيس العطر.
وكان عليه الصلاه والسلام سواء مس يده او لم يمسها يصافح المصافح فيظل يومه يجد
ريحها ويضع يده على راس الصبي فيعرف من بين الصبيان بريحها، وروى البخاري: لم يكن
النبي صلى الله عليه وسلم يمر في طريق فيتبعه احد الا عرف انه سلكه من
طيبه صلى الله عليه وسلم.
حسن عشرته صلى الله عليه وسلم
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن الناس عشره واوسع الناس صدرا واصدقهم لهجه
وقد وصفه بعض اصحاب قائلا: كان دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا
غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عياب.
قال الله تعالى {فبما رحمه من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا
من حولك} وكان يجيب من دعاه، ويقبل الهدية، قال انس رضي الله عنه: خدمت رسول
الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي “اف” قط وما قال لشيء
صنعته لم صنعته ولا لشيء تركته لم تركته.
وقال جرير بن عبد الله رضي الله عنه “ما حجبني رسول الله صلى الله عليه
وسلم قط منذ اسلمت ولا راني الا تبسم”.
وكان صلى الله عليه وسلم يمازح اصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجالسهم في حجره، ويجيب
دعوه الحر والعبد والامه والمسكين، ويعود المرضى في اقصى المدينه ويقبل عذر المعتذر ويبدا من
لقيه بالسلام ويبدا اصحابه بالمصاحفة، وكان اكثر الناس تبسما واطيبهم نفسا ما لم ينزل عليه
قرءان او يعظ او يخطب، وقال عبد الله بن الحارث: ما رايت احدا اكثر تبسما
من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن انس رضي الله عنه قال: كان خدم
المدينه ياتون فيها الماء فيغمس يده فيها للتبرك.
وكل هذا غيض كم فيض من الشمائل مما لا يستطاع حصره.
وحسبك في ذلك حسن عشرته لاهل بيته وازواجه اللواتي ما شكت الواحده منهن بل كن
يروين عنه فضائل الاخلاق ومحاسن العشره وكثره الرحمه والشفقه وقد وصفه الله تبارك وتعالى بذلك
بقوله: {بالمؤمنين رؤوف رحيم} هذا وزد على ذلك معجزاته واسراره وما خصه الله به من
بين الانبياء وتفضيله على جميع الرسل مع المكانه العاليه له يوم القيامه اذ هو صاحب
الشفاعه العظمى في ذلك اليوم العظيم وهو صلى الله عليه وسلم سيد ولد ادم كلهم
كما روى الترمذي انه صلى الله عليه وسلم قال((انا سيد ولد ادم القيامه ولا فخر))
وهو عليه الصلاه والسلام اول داخل الى الجنه وهو صاحب المقام المحمود والدرجه الرفيعه والوسليه
والفضيله يوم القيامة، وامته خير الامم واكثر الامم اتقياء وفقهاء وعلماء وشهداء. والصلاه والسلام عليه
امر يحبه الله وشرعه الله في القرءان بقوله:((ان الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها
الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )) فهو وسيلتنا الى الله وهو شفيع المذنبين باذن
الله وهو صلى الله عليه وسلم النور وهو البركه العظمى حيا وميتا، فقبره مقصد الزائرين
وموضع البركات فهناك تذرف دموعهم شوقا اليه عليه الصلاه والسلام.
عطر اللهم قبره الكريم *** بعرف شذي من صلاه وتسليم
رجاحه ووفور عقله :
اما وفور عقله ، وذكاء لبه ، وقوه حواسه ، وفصاحه لسانه ، واعتدال حركاته
، وحسن شمائله فلا مريه انه كان اعقل الناس واذكاهم . ومن تامل تدبيره امر
بواطن الخلق وظواهرهم ، وسياسه العامه والخاصه ، مع عجيب شمائله ، وبديع سيره ،
فضلا عما افاضه من العلم ، وقرره من الشرع دون تعلم سبق ، ولا ممارسه
تقدمت ، ولا مطالعه للكتب منه ، لم يمتر في رجحان عقله ، وثقوب فهمه
لاول بديهه ، وهذا ما لا يحتاج الى تقريره لتحقيقه .
وقد قال وهب بن منبه : قرات في احد وسبعين كتابا ، فوجدت في جميعها
ان النبي صلى الله عليه وسلم ارجح الناس عقلا ، وافضلهم رايا . وفي روايه
اخرى : فوجدت في جميعها ان الله تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا
الى انقضائها من العقل في جنب عقله صلى الله عليه وسلم الا كحبه رمل من
بين رمال الدنيا . ويكفيك من ذلك رجاحه عقله عندما حكم بين القبائل قبل البعثه
عندما ارادوا اعاده بناء الكعبه فاختلفوا فيمن يرفع الحجر الاسود الى مكانه فاشار عليهم ان
يضعوه على عباءته وان يمسك كل منهم بطرف منها ويرفعوه معا وبذلك نالوا جميعهم شرف
رفع الحجر الاسود .
وصف شامل
قال الحسن بن علي و اللفظ لهذا السند : سالت خالي هند بن ابي هاله
عن حليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان وصافا وانا ارجو ان يصفع
لي منها شيئا اتعلق به ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم فخما مفخما ، يتلالا وجهه تلالؤ القمر ليله البدر ، اطول من المربوع ،
واقصر من المشذب ، عظيم الهامه ، رجل الشعر ، ان انفرقت عقيقته فرق ،
والا فلا يجاوز شعره شحمه اذنه ، اذا هو وفره ، ازهر اللون ، واسع
الجبين، ازج الحواجب ، سوابغ ، من غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ،
اقنى العرنين ، له نور يعلوه ، و يحسبه من لم يتامله اشم ، كث
اللحيه ، ادعج ، سهل الخدين ، ضليع الفم اشنب ، مفلج الاسنان ، دقيق
المسربه ، كان عنقه جيد دميه في صفاء الفضه ، معتدل الخق ، بادنا ،
متماسكا ، سواء البطن والصدر ، مشيح الصدر ، بعيد ما بين المنكبين ضخم الكراديس
، انور المتجرد ، موصول ما بين اللبه و السره بشعر يجري كالحظ ، عاري
الثديين ، م ا سوى ذلك ، اشعر الذراعين و المنكبين و اعالي الصدر ،
طويل الزندين ، رحب الراحه ، شئن الكفين و القدمين ، سائل الاطراف [ او
قال : سائن الاطراف ] ، سبط العصب ، خمصان الاخمصين ، مسيح القدمين ،
ينبو عنهما الماء ، اذا زال زال تقلعا ، و يخطو تكفا ، و يمشي
هونا ، ذريع المشيه ، اذا مشى كانما ينحط من صبب ، و اذا التفت
التفت جميعا ، خافض الطرف ، نظره الى الارض اطول من نظره الى السماء ،
جل نظره الملاحظه ، يسوق اصحابه ، و يبدا من لقيه بالسلام .
قلت : صف لي منطقه .
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم متواصل الاحزان ، دائم الفكره
، ليست له راحه ، و لا يتكلم في غير حاجه ، طويل السكوت ،
يفتتح الكلام و يختمه باشداقه ، و يتكلم بجوامع الكلم فصلا ، لا فضول فيه
و لا تقصير ، دمثا ليس بالجافي و لا المهين ، يعظم النعمه و ان
دقت ، لا يذم شيئا ، لم يكن يذم ذواقا ، و لا يمدحه ،
و لا يقام لغضبه اذا تعرض للحق بشيء حتى ينتصر له ، و لا يغضب
لنفسه و لا ينتصر لها ، اذا اشار اشار بكفه كلها ، و اذا تعجب
قلبها و اذا تحدث اتصل بها ، فضرب بابهامه اليمنى راحته اليسرى ، و اذا
غضب اعرض و اشاح ، و اذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ،
و يفتر عن مثل حب الغمام .
قال الحسن: فكتمتها الحسين بن علي زمانا ،ثم حدثته فوجدته قد سبقني اليه ، فسال
اباه عن مدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم و مخرجه و مجلسه و
شكله ، فلم يدع منه شيئا .
قال الحسين : سالت ابي عن دخول رسول الله صلى الله عليه و سلم ،
فقال : كان دخوله لنفسه ماذونا له في ذلك ، فكان اذا اوى الى منزله
جزا دخوله ثلاثه اجزاء : جزءا لاهله ، و جزؤا لنفسه ، جزا جزاه بينه
و بين الناس ، فيرد ذلك على العامه بالخاصه ، و لا يدخر عنهم شيئا
، فكان من سيرته في جزء الامه ايثار اهل الفضل باذنه و قسمته على قدر
فضلهم في الدين ، منهم ذو الحاجه ، و منهم ذو الحاجتين ، و منهم
ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ، و يشغلهم فيما اصلحهم ، و الامه من مسالته
عنهم و اخبارهم بالذي ينبغي لهم ، و يقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ،
و ابلغوني حاجه من لا يستطيع ابلاغي حاجته ، فانه من ابلغ سلطانا حاجه من
لا يستطيع ابلاغها ثبت الله قدميه يوم القيامه . لا يذكر عنده الا ذلك ،
و لا يقبل من احد غيره .
وقال في حديث سفيان بن وكيع : يدخلن روادا ، ولا يتفرقون الا عن ذواق
، و يخرجون ادله يعني فقهاء .
قلت : فاخبرني عن مخرجه كيف كان يصنع فيه ؟
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخزن لسانه الا مما يعنيهم
و يؤلفهم و لا يفرقهم ، يكرم كريم كل قوم ، و يوليه عليهم ،
و يحذر الناس ، و يحترس منهم ، من غير ان يطوي عن احد بشره
و خلقه ، و يتفقد اصحابه ، و يسال الناس ، و يحسن الحسن و
يصوبه ، و يقبح القبيح و يوهنه ، معتدل الامر غير مختلف ، لا يغفل
مخافه ان يغفلوا او يملوا ، لكل حال عنده عتاد ، لا يقتصر عن الحق
، و لا يجاوزه الى غيره ، الذي يلونه من الناس خيارهم ، و افضلهم
عند اعمهم نصيحه ، و اعظمهم عنده منزله احسنهم مواساه و موازره .
فسالته عن مجلسه : عما كان يصنع فيه .
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجلس و لا يقوم
الا على ذكر ، و لا يوطن الاماكن ، و ينهى عن ايطانها ، و
اذا انتهى الى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ، و يامر بذلك ، و
يعطي كل جلسائه نصيبه حتى لا يحسب ، جليسه ان احدا اكرم عليه فيه ،
من جالسه او قاومه لحاجه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه . من ساله حاجه
لم يرده الا بها او بميسور من القول . قد وسع ا لناس ، بسطه
و خلقه ، فصار لهم ابا ، و صاروا عنده في الحق سواء ، متقاربين
متفاضلين فيه التقوى .
و في الروايه الاخرى : صاروا عنده في الحق سواء ، مجلسه مجلس حلم و
حياء ، و صبر و امانه ، لا ترفع فيه الاصوات ، و لا تؤبن
فيه الحرم ، و لا تثنى فلتاته ، و هذه الكلمه ، من غير الروايتين
.
يتعاطون فيه بالتقوى متواصفين ، يوقرون فيه الكبير ، و يرحمون الصغير ، و يرفدون
ذا الحاجه ، و يرحمون الغريب .
فسالته عن سيرته صلى الله عليه و سلم في جلسائه .
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم دائم البشر ، سهل الخلق
، لين الجانب ، ليس بفظ و لا غليظ ، و لا سخاب ، ولا
فحاش ، ولا عياب ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ولا يوئس منه ،
قد ترك نفسه من ثلاث : الرياء ، و الاكثار ، و ما لا يعنيه
، و ترك الناس من ثلاث : كان لا يذم احدا ، و لا يعيره
، و لا يطلب عورته ، و لا يتكلم الا فيما يرجو ثوابه ، اذا
تكلم اطرق جلساؤه كانما على رؤسهم الطير ، اذا سكت تكلموا ، لا يتنازعون عنده
الحديث . من تكلم عنده انصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم حديث اولهم ، يضحك
مما يضحكون منه ، و يتعجب مما يتعجبون منه ، و يصبر للغريب على الجفوه
في المنطق ، و يقول : اذا رايتم صاحب الحجه يطلبها فارفدوه ، ولا يطلب
الثناء الا من مكافئ ، ولا يقطع على احد حديثه حتى يتجوزه فيقطعه بانتهاء او
قيام . هنا انتهى حديث سفيان بن وكيع .
و زاد الاخر : كيف كان سكوته صلى الله عليه و سلم ؟
قال : كان سكوته على اربع : الحلم ، و الحذر ، و التقدير ،
والتفكير . فاما تقديره ففي تسويه النظر و الاستماع بين الناس ، واما تفكره ففيما
يبقى ويفنى . وجمع له الحلم صلى الله عليه وسلم في الصبر ، فكان لا
يغضبه شيء يستفزه ، وجمع له في الحذر اربع : اخذه بالحسن ليقتدى به ،
وتركه القبيح لينتهى عنه ، واجتهاد الراي بما اصلح امته ، والقيام لهم بما جمع
امر الدنيا و الاخره . انتهى الوصف بحمد الله و عونه
بركاته عليه الصلاه والسلام
اما بركاته صلى الله عليه وسلم فهي كثيره منها ما رواه جابر انه عليه الصلاه
و السلام اطعم يوم الخندق الف رجل من صاع شعير وعناق(وهي الانثى من اولاد المعز
التي لم يتم لها سنة) وقال جابر: فاقسم بالله لاكلوا حتى تركوه وانحرفوا وان برمتنا
لتغط كما هي وان عجيننا لينجز.
وكان عليه الصلاه والسلام قد تفل في العجين والبرمه (والبرمه هي قدر من حجاره وتغط
اي لها صوت من شده غليانها) فانظر كيف جعل البركه فاكل هذا العدد من الرجال
بصاع شعير وقليل من اللحم.
ومن بركاته ان سعيد بن النعمان اصيبت عينه فوقعت على وجنته فردها رسول الله صلى
الله عليه وسلم فكانت احسن عينيه، وروي ان بعض الصحابه ابيضت عيناه فكان لا يبصر
بهما شيئا فنفث رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه فابصر وصار يدخل الخيط
في الابره وهو ابن ثمانين، وروي ان قدرا انكفات على ذارع محمد بن حاطب وهو
طفل فمسح عليها ودعا له فبرا لحينه.
ومن بركاته ان العمى زال بدعوته وبركاته فلقد روى النسائي والطبراني عن عثمان بن حنيف
ان اعمى قال: يا رسول الله ادع الله ان يكشف لي عن بصري، فعلمه عليه
الصلاه والسلام ان يتوضا ويصلي ركعتين ثم يقول “اللهم اني اسالك واتوجه اليك بنبيك محمد
نبي الرحمه يا محمد اني اتوجه بك الى ربي” قال راوي الحديث: والله ما تفرقنا
ولا طال بنا المجلس حتى عاد الرجل يبصر.وهذا الدعاء كان في حياه الرسول صلى الله
عليه وسلم .
الرحمه المهداة
قال تعالى (وما ارسلناك الا رحمه للعالمين )الانبياء 107 لولاه لنزل العذاب بالامه ولاستحققنا الخلود
بالنار ولضعنا في مهاوي الرذيله والفساد والانحطاط ( وما كان الله معذبهم وانت فيهو وما
كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) فوجوده امان لنا من النار ومن العذاب . قال
ابن القيم في جلاء الافهام : ان عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته :
اما اتباعه : فنالوا بها كرامه الدنيا والاخره .
واما اعداؤه المحاربون له : فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم لان حياتهم
زياده في تغليظ العذاب عليهم في الدار الاخره ، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء
فتعجيل موتهم خير لهم من طول اعمارهم في الكفر .
واما المعاهدون له : فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته ، وهم اقل شرا
بذلك العهد من المحاربين لهم .
واما المنافقون : فحصل لهم باظهار الايمان حقن دمائهم واموالهم واهلهم واحترامها ، وجريان احكام
المسلمين عليهم .
واما الامم النائيه عنه : فان الله سبحانه وتعالى رفع برسالته العذاب العام عن اهل
الارض .
فاصاب كل العالمين النفع برسالته . انتهى
قال ابو بكر بن طاهر : زين الله تعالى محمدا صلى الله عليه و سلم
بزينه الرحمه ، فكان كونه رحمه ، و جميع شمائله و صفاته رحمه على الخلق
، فمن اصابه شيء من رحمته فهو الناجي في الدارين من كل مكروه ، و
الواصل فيهما الى كل محبوب ، الا ترى ان الله يقول : (وما ارسلناك الا
رحمه للعالمين )، فكانت حياته رحمه ، و مماته رحمه ، كما قال عليه السلام
: حياتي خير لكم و موتي خير لكم و كما قال عليه الصلاه و السلام
: اذا اراد الله رحمه بامه قبض نبيها قبلها ، فجعله لها فرطا و سلفا
. و قال السمرقندي : رحمه للعالمين : يعني للجن و الانس . و قيل
: لجميع الخلق ، للمؤمن رحمه بالهدايه ، و رحمه للمنافق بالامان من القتل ،
ورحمه للكافر بتاخير العذاب . قال ابن عباس رضي الله عنهما : هو رحمه للمؤمنين
وللكافرين ، اذ عوفوا مما اصاب غيرهم من الامم المكذبه .
وحكى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام : هل اصابك من
هذه الرحمه شيء ؟ قال : نعم ، كنت اخشى العاقبه فامنت لثناء الله عز
وجل علي بقوله : ذي قوه عند ذي العرش مكين * مطاع ثم امين [
سوره التكوير / 81 : الايه 20 21 ] .
و روي عن جعفر بن محمد الصادق في قوله تعالى : فسلام لك من اصحاب
اليمين . اي بك ، انما وقعت سلامتهم من اجل كرامه محمد صلى الله عليه
و سلم .
عن ابي برده بن ابي موسى ، عن ابيه ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : انزل الله علي امانين لامتي ، وما كان الله
ليعذبهم وانت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فاذا مضيت تركت فيهم الاستغفار .
و قال عليه السلام : انا امان لاصحابي . قيل : من البدع . و
قيل : من الاختلاف و الفتن . قال بعضهم : الرسول صلى الله عليه و
سلم هو الامان الاعظم ما عاش ، و ما دامت سنته باقيه فهو باق ،
فاذا اميتت سنته فانتظر البلاء و الفتن .
علو منزلته ورفعه مكانته وذكره
قال القاضي عياض في كتاب الشفا : قال تعالى (ورفعنا لك ذكرك) قال يحيى بن
ادم : بالنبوه (اي رفع الله للنبي ذكره بالنبوة) . وقيل : اذا ذكرت ذكرت
معي قول : لا اله الا الله ، محمد رسول الله . وقيل : في
الاذان [ 8 ] . قال القاضي ابو الفضل : هذا تقرير من الله جل
اسمه لنبيه صلى الله عليه وسلم على عظيم نعمه لديه ، وشريف منزلته عنده ،
وكرامته عليه ، بان شرح قلبه للايمان والهدايه ، ووسعه لوعى العلم ، وحمل الحكمه
، ورفع عنه ثقل امور الجاهليه عليه ، وبغضه لسيرها ، وما كانت عليه بظهور
دينه على الدين كله ، وحط عنه عهده اعباء الرساله والنبوه لتبليغه للناس ما نزل
اليهم ، وتنويهه بعظيم مكانه ، وجليل رتبته ، ورفعه و ذكره ، وقرانه مع
اسمه اسمه . قال قتاده : رفع الله ذكره في الدنيا والاخره فليس خطيب ولا
متشهد ولا صاحب صلاه الا يقول : اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا
رسول الله . وروى ابو سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :
اتاني جبريل عليه السلام ،فقال : ان ربي و ربك يقول : تدري كيف رفعت
ذكرك ؟ قلت : الله ورسوله اعلم . قال : اذا ذكرت ذكرت معي .
قال ابن عطاء : جعلت تمام الايمان بذكري معك . وقال ايضا : جعلتك ذكرا
من ذكرى ، فمن ذكرك ذكرني . وقال جعفر بن محمد الصادق : لا يذكرك
احد بالرساله الا ذكرني بالربوبيه . واشار بعضهم في ذلك الى الشفاعه . ومن ذكره
معه تعالى ان قرن طاعته بطاعته واسمه باسمه ، فقال تعالى : اطيعوا الله والرسول
. وامنوا بالله ورسوله ، فجمع بينهما بواو العطف المشركه . ولا يجوز جمع هذا
الكلام في غير حقه عليه السلام .
قال الله تعالى : لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون [ سوره الحجر / 15 :
الايه 72] . اتفق اهل التفسير في هذا انه قسم من الله جل جلاله بمده
حياه محمد صلى الله عليه و سلم ، و اصله ضم العين ، من العمر
، و لكنها فتحت لكثره الاستعمال . و معناه : و بقائك يا محمد و
قيل : و عيشك . و قيل : و حياتك . و هذه نهايه التعظيم
، و غايه البر و التشريف . قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما
خلق الله تعالى ، و ما ذرا ، و ما برا نفسا اكرم عليه من
محمد صلى الله عليه و سلم ، و ما سمعت الله تعالى اقسم بحياه احد
غيره .
وقال ابو الجوزاء : ما اقسم الله تعالى بحياه احد غير محمد صلى الله عليه
و سلم ، لانه اكرم البريه عنده .
وقال جعفر بن محمد : من تمام نعمته عليه ان جعله حبيبه ، واقسم بحياته
، ونسخ به شرائع غيره ، وعرج به الى المحل الاعلى ، وحفظه في المعراج
حتى ما زاغ البصر وما طغى ، وبعثه الى الاحمر والاسود ، واحل له ولامته
الغنائم ،وجعله شفيعا مشفعا،وسيد ولد ادم ، وقرن ذكره بذكره ، ورضاه برضاه ،وجعله احد
ركني التوحيد.
تكريم الله له
جاء في حديث ابي هريره رضي الله عنه من قول الله تعالى لنبيه صلى الله
عليه وسلم : اني اتخذتك خليلا ، فهو مكتوب في التوراه : انت حبيب الرحمن
.
والخليل قال : ولا تخزني يوم يبعثون [ سوره الشعراء / 26 ، الايه :
87] .
والحبيب قيل له : يوم لا يخزي الله النبي ، فابتدئ بالبشاره قبل السؤال .
والخليل قال في المحنه : حسبي الله [ سوره الزمر / 39 ، الايه :
38 ] .
والحبيب قيل له : يا ايها النبي حسبك الله [ سوره الانفال / 8 ،
الايه : 64 ] .
والخليل قال : اجعل لي لسان صدق في الاخرين [ سوره الشعراء / 26 ،
الايه : ]
والحبيب قيل له : ورفعنا لك ذكرك ، اعطي بلا سؤال .
والخليل قال : واجنبني وبني ان نعبد الاصنام . سوره ابراهيم / 14 ، الايه
: 35 .
والحبيب قيل له : انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا
ويقول للنبي صلى الله عليه وسلم ( الم نشرح لك صدرك ) ( ونيسرك لليسرى
) ( فانما يسرناه بلسانك ) ( لعلك ترضى ) .
ويقول على لسان موسى عليه السلام ( اشرح لي صدري ) ( يسر لي امري
) ( احلل عقده من لساني ) ( وعجلت اليك ربي لترضى ) .
عن القاسم بن ابي امامه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله
اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا وانه لم يكن نبي الا وله خليل الا وان
خليلي ابو بكر).
عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ان الله قسم الخلق قسمين ، فجعلني من خيرهم قسما ، فذلك قوله : اصحاب
اليمين ، و اصحاب الشمال ، فانا من اصحاب اليمين ، وانا خير اصحاب اليمين
ثم جعل القسمين اثلاثا ، فجعلني في خيرها ثلثا ، و ذلك قوله تعالى :
فاصحاب الميمنه . و اصحاب المشامه ، و السابقون السابقون ، فان من السابقون ،
و انا خير السابقين ، ثم جعل الاثلاث قبائل ، فجعلني من خيرها قبيله ،
و ذلك قوله : وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم . فانا
اتقى ولد ادم و اكرمهم على الله و لا فخر . ثم جعل القبائل بيوتا
، فجعلني من خيرها بيتا ، فذلك قوله تعالى : انما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا [ سوره الاحزاب / 33 ، الايه : 33 ]
.
ومن روايه ابن وهب انه عليه السلام قال : قال الله تعالى : سل يا
محمد . فقلت : ما اسال يا رب ؟ اتخذت ابراهيم خليلا ، وكلمت موسى
تكليما ، واصطفيت نوحا ، واعطيت سليمان ملكا لا ينبغي لاحد من بعده ، فقال
الله تعالى : ما اعطيتك خير من ذلك ، اعطيتك الكوثر ، وجعلت اسمك مع
اسمي ، ينادى به في جوف السماء ، وجعلت الارض طهورا لك ، ولامتك ،
وغفرت لك ما تقدم من ذنبك وما تاخر ، فانت تمشي في الناس مغفورا لك
شفاعتك ، ولم اصنع ذلك لاحد قبلك ، وجعلت قلوب امتك مصاحفها ، وخبات لك
شفاعتك ، ولم اخباها لنبي غيرك .
وحكى ابو محمد مكي ، و ابو الليث السمرقندي و غيرهما ان ادم عند معصيته
قال : اللهم بحق محمد اغفر لي خطيئتي . و يروى : تقبل توبتي .
فقال له الله : (من اين عرفت محمدا ) ؟ فقال : رايت في كل
موضع من الجنه مكتوبا : لا اله الا الله ، محمد رسول الله ، او:
محمد عبدي و رسولي ، فعلمت انه اكرم خلقك عليك . فتاب الله عليه ،
و غفر له . و هذا عند تاويل قوله تعالى : فتلقى ادم من ربه
كلمات فتاب عليه . و في روايه الاجري قال : فقال ادم ، لما خلقتني
ر فعت راسي الى عرشك فاذا فيه مكتوب : لا اله الا الله محمد رسول
الله ، فعلمت انه ليس احد اعظم قدرا عندك ممن جعلت اسمه مع اسمك ،
فاوحى الله اليه : و عزتي و جلالي ، انه لاخر النبين من ذريتك و
لولاه ما خلقتك .
عن ابن عباس ، قال : جلس ناس من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ينتظرونه ، قال : فخرج حتى اذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون ، فسمع حديثهم ،
فقال بعضهم : عجبا ! ان الله اتخذ من خلقه خليلا ، اتخذ ابراهيم خليلا
. وقال اخر : ماذا باعجب من كلام موسى ، كلمه الله تكليما . وقال
اخر : فعيسى كلمه الله وروحه وقال اخر : وادم اصطفاه الله .
فخرج عليهم فسلم ، وقال : قد سمعت كلامكم و عجبكم ، ان الله تعالى
اتخذ ابراهيم خليلا ، و هو كذلك ، و موسى نجي الله وهو كذلك ،
وموسى نجي الله ، وهو كذلك ، وعيسى روح الله ، وهو كذلك ، وادم
اصطفاه الله ، وهو كذلك ، الا وانا حبيب الله ولا فخر ، وانا اول
شافع واول مشفع ولا فخر ، واما من يحرك حلق الجنه فيفتح الله لي فيدخلنيها
ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر ، وانا اكرم الاولين والاخرين ولا فخر .
عن ابي هريره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتخذ الله ابراهيم خليلا
وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال: وعزتي لاوثرن حبيبي على خليلي ونجيي) فبمقارنه بسيطه يتضح
رفعه النبي محمد صلى الله عليه وسلم فوق كل الانبياء والمرسلين ( ورفعنا بعضهم فوق
بعض درجات ) ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) كيف لا وقد كان
امامهم في الاسراء في المسجد الاقصى وهو دعوه ابينا ابراهيم والذي بشر به موسى وعيسى
عليهما السلام ، وما كانت شرائعهم الا تمهيدا لخاتمه الرسالات ولنبوه محمد عليه الصلاه والسلام
وهو القائل لو كان معي موسى لما وسعه الا ان يتبعني ، وعندما يهبط عيسى
عليه السلام فانه سيكون من اتباع سيدنا محمد وسيصلي خلف الامام دلاله على ذلك .
ولو وزنت به عرب وعجم — جعلت فداه ما بلغوه وزنا
اذا ذكر الخليل فذا حبيب — عليه الله في القران اثنى
وان ذكروا نجي الطور فاذكر — نجي العرش مفتقرا لتغنى
فان الله كلم ذاك وحيا — وكلم ذا مخاطبه واثنى
ولو قابلت لفظه “لن تراني” — ل “ما كذب الفؤاد ” فهمت معنى
فموسى خر مغشيا عليه — واحمد لم يكن ليزيغ ذهنا
وان ذكروا سليمان بملك — فحاز به الكنوز وقد عرضنا
فبطحا مكه ذهبا اباها — يبيد الملك واللذات تفنى
وان يك درع داوود لبوسا — يقيه من اتقاء الباس حصنا
فدرع محمد القران لما — تلا “والله يعصمك “اطمانا
واغرق قومه في الارض نوح — بدعوه “لا تذر” احدا فافنى
ودعوه احمد (رب اهد قومي) — فهم لا يعلمون كما علمنا
وكل المرسلين يقول “نفسي” — واحمد ” امتي “انسا وجنا
وكل الانبياء بدور هدي — وانت الشمس اكملهم واهدى
صور من عظمه الرسول صلى الله عليه وسلم
قبل ان نخوض في بعض مناحي عظمه الرسول لا بد ان نقول : ان مما
يدل على عظمه النبي صلى الله عليه وسلم : هو كثره اسمائه وصفاته ، قال
بعضهم : اعطاه اسمين من اسمائه : رؤوف ، رحيم .
قال الحسين بن الفضل : لم يجمع الله لاحد من الانبياء اسمين من اسمائه الا
للنبي صلى الله عليه وسلم ، فانه قال عن نفسه (ان الله بالناس لرؤوف رحيم
)الحج 65 وقال عن النبي صلى الله عليه وسم ( بالمؤمنين رؤوف رحيم ) التوبه
128 .
وعن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان
لي اسماء ، انا محمد ، وانا احمد ، وانا الماحي الذي يمحو الله بي
الكفر ، وانا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وانا العاقب الذي ليس بعده
نبي .
عن حذيفه ، قال : لقيت النبي صلى الله عليه وسلم ، في بعض طرق
المدينه ، فقال : انا محمد ، وانا احمد ، وانا نبي الرحمه ، ونبي
التوبه ، وانا المقفى ، وانا الحاشر ، ونبي الملاحم .
عندما كان محمد صلى الله عليه وسلم في محاولته لكسب رؤساء قبيله ( قريش )
وفي اثناء حديثه معهم حاول عبد الله بن ام مكتوم وهو (بصير ) ان يسال
عن شيء مهم من امور الاسلام فانصرف عنه النبي صلى الله عليه وسلم فعاتب القران
النبي محمد في سوره ( عبس ) لانصرافه عنه وصرف وجهه الى صنديد الكفر رغبه
منه في دخوله في الاسلام فاعتبر القران ذلك انه لا حاجه له في تمني دخولهم
الاسلام ولكن المسلمين الذين جاءوا اليك اولى بهذا الاهتمام ، وما يدريك يا محمد ان
هذا الكافر سوف يزكى ويدخل في الاسلام انه في علم الغيب والامر موكل الى الله
. ولقد حدثت واقعه اخرى قريبه من تلك عندما اتفق مبدئيا كفار قريش وصناديدها مع
الرسول على ان يجعل لهم يوما يجلسون معه فيه ويجعل للفقراء والعبيد يوم خاص بهم
وكان هذا شرط لايمانهم وقد كاد يميل قلب الرسول لهذا الاقتراح فعاتبه ربه على ذلك
وطلب منه ان يترك هذا الاقتراح فالمسلمون سواسيه كاسنان المشط وقال تعالى في هذا العتاب
( لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا ، اذا لاذقناك ضعف الحياه وضعف الممات )
. وفي هاتين الحالتين لم يكتم النبي ما نزل اليه من الوحي وهذا دليل واضح
على عظمته .
وصوره اخرى من عظمته : عندما سالته زوجته عائشه ام المؤمنين عن خديجه الم يعوضك
الله خيرا منها ؟ فاجابها : لا، فهي التي امنت به وصدقته عندما كذبه الناس
وعادوه ! فلم يستسلم للغيره ولم يحاول ان يخدعها او يجاملها . وهذا عظمته من
صلى الله عليه وسلم .
وعندما خير رسول الله في ان يكون نبينا ملكا او عبدا نبيا فاختار ان يكون
عبدا نبيا لما في مقام العبوديه من الشرف والتكريم فقال تعالى وهو ينسبه الى نفسه
: ” سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ” يدل
ذلك على رفضه اختيار الملك من قبل الله تعالى .
عرض عليه كفار قريش مره الملك والجاه والسلطان والمال والثروه والرياسه عليهم بل على العرب
جميعا في مقابل ترك الدعوه الاسلاميه والرجوع الى الهتهم الضاله فقالوا قولتهم المشهوره : ان
كنت تريد مالا جمعنا لك المال وجعلناك اغنى رجلا فينا وان كنت تريد ملكا ملكناك
علينا وجعلنا لك الامر وان كان بك مس من الجن او مرض لا يشفى عالجناك
حتى تشفى من هذا المرض .فرفض كل ذلك ورفض كل تلك الاغراءات الكذابه التي لا
تغري الا ضعاف القلوب واصحاب العقول الفاسده الذين يركنون الى الدنيا وملذاتها وينسون الاخره وما
فيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولته الشهيره التي يذكرها التاريخ له بكل
ما فيها من نور وضياء وهدى ورحمه قال لعمه ابو طالب يا عم والله لو
جعلوا القمر عن يميني والشمس عن يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته حتى
يظهره الله او اهلك دونه . انها قوله تقشعر لها الجلود وتخشع لها القلوب قوله
رجل واثق من نصر ربه واثق ومؤمن بما يبلغ عن ربه من ان الله سينصر
هذا الدين ويعلي رايته ولو كره الكافرون .
فكان هذا النبي العظيم جديرا لان يحظى بكل حب وبكل تقدير وبكل احترام وبكل تبجيل
من جميع من اتبعوه وامنوا به واتبعوا النور الذي جاء به وممن لم يؤمنوا به
.
ومن صور عظمته ما روى ابن ماجه في سننه عن قيس بن ابي حازم :
ان رجلا اتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام بين يديه فاخذته رعده فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هون عليك فاني لست بملك ، انما انا
ابن امراه من قريش كانت تاكل القديد)
نعم فهذا التواضع هو من عظمه الرسول عليه افضل الصلاه واتم التسليم .
ومن ينسى الموقف العظيم عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكه فاتحا فقال لاهلها
بعد ان اذوه وعذبوه : ما تظنون اني فاعل بكم ؟ فقالوا اخ كريم وابن
اخ كريم . فقال لهم اذهبوا فانتم الطلقاء .
ان هذا الرجل نجح في حياته واستمر نجاحه بعد موته على يد اتباعه ، فقد
صنع الابطال انها مدرسه محمد صلى الله عليه وسلم التي خرجت الابطال والدعاه الذين جابوا
الارض شرقا وغربا لنشر دين الله ونوره وتبليغه الى الناس . ان اعظم موقف يدل
على عظمه الرجال الذين صنعهم في حياته هو موقفهم عند موته ، عندما قام ابو
بكر غير متاثر بهذا الخبر فدخل على رسول الله بعد ما سمع بوفاته وخرج على
المسلمين وقال ” ايها الناس ، من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن
كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ” . وقرا قوله تعالى ” وما
محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم
” .
ولذلك ليس غريب ان يضعه مايكل هارت في كتابه العظماء مائه في مقدمتهم فقال مايكل
عن سبب اختياره لمحمد وكونه الاعظم فقال : ( ان اختياري لمحمد ليقود قائمه اكثر
اشخاص العالم تاثيرا في البشريه قد يدهش بعض القراء وقد يعترض عليه البعض .. ولكنه
كان ( اي محمد) الرجل الوحيد في التاريخ الذي حقق نجاحا بارزا في كل من
المستوى الديني والدنيوي ) .
وقال عنه احد المفكرين الغربيين انه لو اعطى لمحمد زمام الامور في هذا العالم المليء
بالملابسات والمشكلات لقاد البشريه الى بر الامان .
” لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه ” ( الاحزاب : 21 )
ويمكننا الان ان نستنتج لماذا قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ” ورفعنا لك
ذكرك ” ” الشرح : 44 ” .
واقوال المستشرقين في الاعتراف بعظمته كثيره منها : من كتاب عظمه محمد لاحمد ديدات
1- ” كان محمد ( صلى الله عليه وسلم ) الرافه والطيبه بعينيها والذين من
حوله كانوا يشعرون بتاثيره ولم ينسوه ابدا ” . ديوان شاندشارمه . باحث هندوسي ،
وذلك في كتابه رسل الشرق سنه 1935 ص 122 .
2- ” ولد في مكه في جزيره العرب سنه 569 بعد الميلاد – وبعد اربع
سنوات من وفاه يوستنيانوس الاول – الرجل الذي كان له اعظم تاثير على الجنس البشري
من بين جميع الرجال ، محمد صلى الله عليه وسلم ” . جون وليم درايو
طبيب ودكتور في الحقوق في كتابه ” تاريخ التطور الفكري الاوربي ” . لندن 1875
.
3- ” انني اشك ان اي انسان لا يتغير رغم التغيرات الكبيره في ظروفه الخارجيه
، كما لم يتغير محمد ، لكي يلائم ويوافق هذه التغيرات ” .ر . ف
. ك بودلي في ” جريده الرسول ” لندن سنه 1946 ص 6 .
4- ” لقد درست الرجل الرائع وفي رايي انه يجب ان يدعى منقذ البشريه فهو
بعيد كل البعد من ان يدعى ضد المسيح ” . جورج برنارد شو في (
الاسلام الصادق ) ج1 سنه 1936 .
5- ” من حسن الحظ انه لامر فريد على الاطلاق في التاريخ ان محمد مؤسس
لثلاثه اشياء : الامه والامبراطوريه والدين ” . ر . بوزوورث – سميث في كتاب
محمد والمحمديه سنه 1946 .
6- ” لقد كان محمد الاكثر توفيقا من بين جميع الشخصيات الدينيه ” .دائره المعارف
البريطانيه .
اذا كانت عظمه الغايه ، وقله الوسائل ، والنتائج المذهله هي المقاييس الثلاثه لعبقريه الانسان
فمن يجرؤ على مقارنه اي رجل عظيم في التاريخ بمحمد صلى الله عليه وسلم ؟
حكيم – خطيب – رسول – مشرع – محارب – هازم الافكار الباطله – ومحيي
المعتقدات العقلانيه وعباده بلا اصنام ولا صور – مؤسس 20 امبراطوريه دنيويه وامبراطوريه واحده روحيه
ذلك هو محمد . وبالنظر الى كل المقاييس التي يمكن ان تقاس بها عظمه البشر
يحق لنا ان نسال هل يوجد اي انسان اعظم منه ؟ بالتاكيد …. لا .
انه ” رجل واحد في مقابل جميع الرجال ” ، الذي استطاع بنصر الله له
وبصدق عزيمته وباخلاصه في دعوته ان يقف امام الجميع ليدحض الباطل ويظهر الحق حتى يحق
الله الحق بكلماته ولو كره الكافرون .
ان هذا الرجل العظيم الذي استطاع ان يقف امام العالم اجمع وامام جهالات قريش وكفرها
العنيد وامام الاصنام وعباده الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الى الله
وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، انه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام
ليس فقط من اتباعه بل من كل من يفهموا العبقريه وخصائصها .
ان الصفات التي تفردت في هذا الرسول العظيم لجديره بان يحصل على نوط الامتياز ويحظى
بكل تقدير واحترام . انه بحق الرسول الاعظم .
فهل بعد ذلك يوجد اي رجل اعظم منه ؟ ” . كلا ، لا يوجد
رجل اعظم منه فقد عاش حياته كلها في خدمه البشريه جمعاء وجاء بالدين الخاتم والمسعد
لجميع البشر .
ان هذا الرجل العظيم هو محمد صلى الله عليه وسلم ، انه بحق رجل لم
تنجب البشريه مثله .