كتاب الوعد الحق لطه حسين
الوعد الحق لطه حسين
مضت سنه الله في التمكين لعباده اول ما مضت في صحابه رسول الله؛ اذ انهم
حققوا ما اشترط الله عز وجل من صفات لخلفائه في الارض؛ وهي العباده الحقه له
والاذعان والتسليم لاوامره. وعرف الصحابه منذ سويعات اسلامهم الاولى ما اشترط الله، فجدوا واجتهدوا له،
فنالهم ما نالهم من تهجير وتعذيب ومشاق جمة. ووعد الله الحق لا يغيب عن اعينهم
عبيدا كانوا او احرارا، حكاما او محكومين، حتى من الله عليهم بما وعدهم، ومكن لهم
في الارض، فمضوا ثابتين على طريقهم الذي رسمه لهم معلمهم الاول رسول الله، حتى لقوا
ربهم وقد وضعوا تمثيلا عمليا لما استنه الله … انه «الوعد الحق».
عن المؤلف
طه حسين علي سلامة: اديب ومفكر مصري، يعد علما من اعلام التنوير والحركه الادبيه الحديثة،
امتلك بصيره نافذه وان حرم البصر، وقاد مشروعا فكريا شاملا، استحق به لقب «عميد الادب
العربي»، وتحمل في سبيله اشكالا من النقد والمصادرة.
ولد في نوفمبر ١٨٨٩م بقريه «الكيلو» بمحافظه المنيا. فقد بصره في الرابعه من عمره اثر
اصابته بالرمد، لكن ذلك لم يثن والده عن الحاقه بكتاب القرية؛ حيث فاجا الصغير شيخه
«محمد جاد الرب» بذاكره حافظه وذكاء متوقد، مكناه من تعلم اللغه والحساب والقران الكريم في
فتره وجيزة.
وتابع مسيرته الدراسيه بخطوات واسعة؛ حيث التحق بالتعليم الازهري، ثم كان اول المنتسبين الى الجامعه
المصريه سنه ١٩٠٨م، وحصل على درجه الدكتوراه سنه ١٩١٤م، لتبدا اولى معاركه مع الفكر التقليدي؛
حيث اثارت اطروحته «ذكرى ابي العلاء» موجه عاليه من الانتقاد. ثم اوفدته الجامعه المصريه الى
فرنسا، وهناك اعد اطروحه الدكتوراه الثانية: «الفلسفه الاجتماعيه عند ابن خلدون»، واجتاز دبلوم الدراسات العليا
في القانون الروماني. وكان لزواجه بالسيده الفرنسيه «سوزان بريسو» عظيم الاثر في مسيرته العلميه والادبية؛
حيث قامت له بدور القارئ، كما كانت الرفيقه المخلصه التي دعمته وشجعته على العطاء والمثابرة،
وقد رزقا اثنين من الابناء: «امينة» و«مؤنس».
وبعد عودته من فرنسا، خاض غمار الحياه العمليه والعامه بقوه واقتدار؛ حيث عمل استاذا للتاريخ
اليوناني والروماني بالجامعه المصرية، ثم استاذا لتاريخ الادب العربي بكليه الاداب، ثم عميدا للكلية. وفي
١٩٤٢م عين مستشارا لوزير المعارف، ثم مديرا لجامعه الاسكندرية. وفي ١٩٥٠م اصبح وزيرا للمعارف، وقاد
الدعوه لمجانيه التعليم والزاميته، وكان له الفضل في تاسيس عدد من الجامعات المصرية. وفي ١٩٥٩م
عاد الى الجامعه بصفه «استاذ غير متفرغ»، وتسلم رئاسه تحرير جريده «الجمهورية».
اثرى المكتبه العربيه بالعديد من المؤلفات والترجمات، وكان يكرس اعماله للتحرر والانفتاح الثقافي، مع الاعتزاز
بالموروثات الحضاريه القيمة؛ عربيه ومصرية. وبطبيعه الحال، اصطدمت تجديديه اطروحاته وحداثيتها مع بعض الافكار السائدة،
فحصدت كبرى مؤلفاته النصيب الاكبر من الهجوم الذي وصل الى حد رفع الدعاوى القضائيه ضده.
وعلى الرغم من ذلك، يبقى في الذاكرة: «في الادب الجاهلي»، و«مستقبل الثقافه في مصر»، والعديد
من عيون الكتب والروايات، فضلا عن رائعته «الايام» التي روى فيها سيرته الذاتية.
رحل طه حسين عن دنيانا في اكتوبر ١٩٧٣م عن عمر ناهز ٨٤ عاما، قضاها معلما
ومؤلفا، وصانعا من صناع النور.