قصه السيد البدوى ونشاه دعوته
احمد بن على ابراهيم البدوى ، السيد ( فاس ، 1200 – طنطا ، 1276
) اتلقب ب الشيخ المعتقد الصالح ابو الفتيان ، و اتعرف ب ” ابو اللثامين
السطوحى ” لانه كان يلبس لثامين صيف و شتاء ، له جامع مشهور فى طنطا
و له طريقه معروفه باسم الطريقه الاحمديه. ينتسب السيد البدوى للامام على بن ابى طالب
، و اتلقب بالبدوى لانه كا بيتلثم على عاده بدو شمال افريقيا. اتولد فى فاس
و سافر على مكه و العراق و زار الجيلنى و الرفاعى و ذهب الى مصر
و واقام فى مدينه طنطا ، و هناك اذدهرت طريقته و واتبعوه ناس كثر يلبسون
العمم الحمراء و رمزهم علم احمر. مقامه فى طنطا و بيتعمله مولد كبير فى طنطا
كل سنه.
مثل كبار صوفيه مصر واوليائها ، ابراهيم الدسوقى و الشاطبى و المرسى ابو العباس و
غيرهم ، عاش السيد البدوى فى عصر من ازهى العصور فى تاريخ مصر و هو
العصر المملوكى اللى سلاطينه كانوا بيشجعوا الصوفيه ، وحضر سقوط الدوله الايوبيه و بزوغ نجم
الدوله المملوكيه فى سنه 1250 و عاصر معارك عسكريه كبيره زى معركه المنصوره و معركه
عين جالوت ، و سلاطين كبار زى قطز و الظاهر بيبرس.
من وصاياه : ” اشفق على اليتيم ، و اكس العريان ، و اطعم الجيعان
، و اكرم الغريب و الضيفان ” و من اقواله : ” الخلق السىء يفسد
العمل الصالح “.
السيد البدوى
و
رفضه للزواج
معللا
زواجه من الحور العين
ظل البدوى عزبا بدون زواج طوال حياته , فبعد ان توفى والده سنة(627هجرية) عرض عليه
اخوه الاكبر (حسن) ان يزوجه فرفض قائلا يا اخى , تامرنى بالزواج و انا موعود
من ربى ان لا اتزوج الا من الحور العين الحسان)
ولعل عدم زواج البدوى يكون مسايرا لاستاذه احمد الرفاعى .
وقد وصفت دائره المعارف الاسلاميه تصوف البدوى بانه يشبه تصوف فرقه اليوجا الهنديه و فى
مخطوطه برلين رقم 10104 ورقه 319 ما معناه انه قد كتب للبدوى الا يتزوج الا
من الحور العين.
(ثقافه البدوى و تراثه العلمى)
ذكر عن احمد البدوى انه حفظ فى صغره شيئا من القران و قرا من الفقه
على المذهب الشافعى و اشتهر بالعطاب لكثره ما كان يقع لمن يؤذيهم من الناس و
قد افتخر شقيقه الاكبر ( الحسن )
بانه سماه ( العطاب مجرش الحرب )
و قد زعم البعض ان للبدوى مؤلفات علميه , و بالغوا فى ذلك , و
قالوا : انها تشكل تراثا فكريا ضخما . و لما لم يجدوا اثرا لهذا التراث
, و قالولوا انه فقد , و ان ما بقى منه نقل الى مكتبات اوربا
و غيرها . و هذا جميعه غير صحيح فالبدوى رغم شهرته الا ان ثقافته كانت
ضحله , حتى بين دعاه الشيعه الباطنيه من رفاقه و معاصريه (كابن عربى ) صاحب
كتاب ( الفتوحات المكيه )
و الحقيقه ان البدوى لم يترك لنا اى اثر علمى , اللهم الا بعض الوصايا
و العظات , التى قيل انه كان يوجهها الى خليفته عبدالعال مثل , ( يا
عبد العال اياك و حب الدنيا فانما يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل العسل )
( و يا عبد العال اشفق على اليتيم و اكس العريان و اطعم الجيعان و
اكرم الغريب و الضيفان )
كما نسب الى البدوى بعض الاقوال مثل ( سواقى تدور على البحر المحيط لو نفذ
ماء سواقى الدنيا كلها , ما نفذ ماء سواقى )
كما نسب الى البدوى بعض الاشعار التى يدعى فيها لنفسه بعض صفات الالوهيه , و
التى خلط فيها التشيع بالتصوف , و ملاها بالرموز و التاويلات الفاسده حول فكره الحلول
و الاتحاد و تقديس من يسمون بالائمه و الاولياء و الاقطاب و الاوتاد , و
غير ذلك من المصطلحات الشيعيه الدخيله التى تشوه عقائد الاسلام الصافيه .
يقول ابن خلدون (ان الصوفيه نقلوا نظامهم عن التشيع و ان كل من الشيعه و
الصوفيه يؤمنون بالاسرار و لهم مصطلحاتهم الخاصه )
و يقول ( محمد فهمى عبد اللطيف ) فى كتابه(السيد البدوى و دوله الدراويش) كان
التصوف قد وضح فى الحياه الاسلاميه كظاهره اجتماعيه , و اصبح المتصوفه قوه فى المجتمع
الاسلامى لها تاثيرها فى اجتذاب النفوس و التاثير فيها فاستغل العلويون _اى الشيعه الباطنية_ هذه
الناحيه , لمواجهه الخلافه العباسيه و ذلك فى دهاء و براعه وسرعان ما اصبحت تعاليم
الصوفيه قائمه على تعاليم الشيعه و بدا عندهم الكلام فى الكشف و القول بالوهيه الائمه
و حلول الالهيه فيهم و القول بالقطب , و اشربوا اقوال الشيعه .
و هكذا اصطبغ التصوف بمقاصد الشيعه و تعاليمهم , وصار المتصوفه اداه لبث الدعوه للعلويين
تحت هذا الستار _ ثم يصف تصوف البدوى فيقول ( ان البدوى كما يبدو لم
يكن بالشخصيه الصوفيه التى تعالج التصوف بالراى و التفكير و لكن كان من طبقه الدراويش
الدنيا الذين هم اشبه بطائفه اليوجا فى الهند.
رحله البدوى الى العراق
فى سنه (634هجرية) سافر (البدوى) بصحبه اخيه الاكبر (حسن) الى العراق الذى كان مركزا من
مراكز التصوف الشيعى الذى اسس بزعامه ( احمد الرفاعى) المتوفى سنه (570هجرية)
التعليل لرحلته بما يشبه الوحى
علل البدوى لرحلته من (مكة) الى العراق قبيل مجيئه الى طنطا فقال ( بينما انا
نائم بجوار الكعبه اذ انا بهاتف يقول لى فى المنام : استيقظ من نومك يا
همام ووحد الملك العلام. و لا تنم فمن طلب المعالى لا ينام فوحق ابائك سيكون
لك حال و مقام )
و يرى الدكتور سعيد عاشور ان هذه الرؤيا مبالغه مقصوده من جانب كتاب سيره البدوى
ليظهروا للقارئ عظم مكانته , و كيف ان الرسول صلى الله عليه و سلم بشر
بظهوره ليعدوا عقليه القارئ لتقبل المعجزات التى نسبوها اليه فيما بعد.
و تمشيا مع هذه الحقيقه حرص هؤلاء الكتاب على ان يجعلوا كل تصرف من تصرفات
احمد البدوى انما هو تنفيذ للمشيئه الالهيه و استجابه لاوامر يتلقاها من الله مباشره عن
طريق هاتف . و قيل ايضا : انه راى فى المنام (احمد الرفاعى) و(عبدالقادر الجيلانى)
يقولان له (يا احمد لقد جئناك بمفاتيح العراق و اليمن و الهند و السند و
الروم و المشرق و المغرب بايدينا , فان كنت تريد اى مفتاح منها شئت اعطيناكه
) فقال ( انا منكما , و لكنى انا ما اخذ المفتاح الا من يد
الفتاح)
و قبل هذه الرحله كان البدوى يبدو ابعد الناس عن ان يكون صوفيا فقد تفوق
على اقرانه بفروسيته الا انه قد اشتهر بدهائه فراى المخططون للدعوه الشيعيه ان يذهب البدوى
الى العراق ليكتسب مسحه التصوف التى يمكن ان يختفى تحتها ليستفاد به حين يكلف بامر
من امور الدعوة.
زياره البدوى لقبر الحلاج
و فى رحله البدوى الى العراق هو و شقيقه حسن قاما بزياره قبر الحسن بن
منصور الحلاج الصوفى الشيعى الذى اعدم عام 319هجريه بسبب عقائده الخارجه على الدين كقوله بوحده
الوجود اى الوحده بين الخالق و المخلوق و غير ذلك .
الادعاء بان البدوى امات و احيا
اثناء هذه الرحلة
بعد زياره قبر الحلاج اتجه البدوى و اخوه الى الكاظميه لزياره قبر ائمه الشيعه ثم
اتجه الى شمال العراق لزياره ضريح (عدى بن مسافر الهكارى) المتوفى سنه (558) و صاحب
الطريقه العدويه , و قد غالى اتباعه فى اعتقادهم فيه و ( احرق هذا الضريح
سنه 817هجريه ) فاجتمع العدويه عليه و اتخذوه قبله لهم و بعدها تجولا فى منطقه
( الهكاريه ) شمال الموصل و لم يحسن الاكراد اهل المنطقه معاملتهما و يقول كتاب
سيره البدوى ( ان الحسن اوما اليهم بيده و قال لهم (موتوا باذن الله تعالى
, فوقعوا جميعا على الارض موتى . و لكن احمد حرص على التحلى بخلق العفو
عند المقدره فالتفت الى الاكراد الموتى و قال لهم (قوموا باذن من يحيى الموتى و
يميت الاحياء فدبت فيهم الحياه و نهضوا جميعا يقبلون اقدام البدوى و اخيه ) و
بعد ذلك اتجه الاخوان الى جنوب العراق الى (ام عبيدة) حيث ضريح احمد الرفاعى مركز
الطريقةالرفاعيه و دخل الاخوان ضريح (الرفاعى) حيث قضيا قيه ثلاثه ايام , عادا بعدها الى
(بغداد) و فى بغداد ودع الحسن اخاه ليعود الى الحجاز.