خطبه مؤثره عن الرسول
ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
انفسنا وسيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا
هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له عزعن الشبيه
وعن الند وعن النظير { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}
واشهد ان محمدا عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير
صلى الله عليه وعلى اله وصحبه ومن تبعهم باحسان الى يوم
البعث والنشور وسلم تسليما كثيرا .
.
اما بعد …
فا اتقوا الله تعالى وراقبوه واطيعوا امره ولا تعصوه { يا ايها الذين
امنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير
بما تعملون } بالتقوى تستجلب الارزاق وتفتح الاغلاق وتفرج
الكرب وتدفع النقم { ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من
حيث لا يحتسب } ايها المسلمون :
حديث اليوم حديث تستلذه الاسماع وتهفو به الافئده وتجثو عنده
العواطف ، حديث اليوم في سيره تتقاصر دونها السير ، وصفات
لا تدانيها الاوصاف ، انه لمحات ونفحات تعبق من صفات
الرسول المجتبى ، وشمائل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم
شذرات تزيد الحب حبا ، والقلب قربا ، تجدد الايمان ، وتعضد
الولاء ، وتثمر الاتباع صفاته وشمائله وكراماته وفضائله افق افيح
، وسماء رحبه ، وحديقه غناء يحار الناظر ماذا يقطف ؟
واي شيء يتخير ؟
ايها المسلمون ..
حين نتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاننا نتطلب زيادة
الايمان ومزيد التعظيم والتبجيل وقدره حق قدره وازدياد محبته
وكل ذلك مطلوب شرعا والثمره في ذلك طاعته واتباعه وتعظيم
امره ونهيه واقتفاء سنته والثبات على شرعته .
ايها المسلمون ..
ومع ايماننا بانه بشر مخلوق الا ان الله تعالى جمله وكمله ، وطيبه
خلقا وخلقا ، وجمع له الفضائل كلها نسقا متسقا محمد بن عبدالله
ابن عبدالمطلب الهاشمي القرشي ،الهاشمي القرشي شرف نسبه
وكرم اصله وفضل بلده ومنشاه لا يحتاج الى دليل عليه فانه نخبة
بني هاشم وسلاله قريش وصميمها واشرف العرب واعزهم نفرا
من جهه ابيه وامه صلى الله عليه وسلم ؛اما بلده مكه فاكرم بلاد
الله على الله وعلى عباده محمد بن عبدالله رسول الله وخليله
فاضت بمحبته القلوب وامتلات باجلاله الصدور واسبغ الله عليه
من الحسن والجمال في منظره ومخبره وخلقه وخلقه ما جعله اية
في الكمال والجمال وصفته ام معبد فقالت :
( انه ظاهر الوضاءه ،
ابلج الوجه ، حسن الخلق ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي
اشفاره وطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، احور
اكحل ، ازج اقرن ، شديد سواد الشعر ، اذا صمت علاه الوقار ،
واذا تكلم علاه البهاء ، اجمل الناس وابهاهم من بعيد ، واحسنه
واحلاه من قريب ، حلو المنطق ، فضل لا نذر ولا هذر ، لا
تقحمه عين من قصر ، ولا تشناه من طول )
قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه في وصفه :
( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ابيض مشربا بحمره ، ادعج
العينين ، اهدب الاشفار ، اذا مشى تقلع ، كانما يمشي في صبب
، واذا التفت التفت جميعا ، بين كتفيه خاتم النبوه اجود الناس كفا ،
واجرا الناس قدرا ، واصدق الناس لهجه ، واوفاهم ذمه ، والينهم
عريكه ، من راه بديهه هابه ، ومن خالطه معرفه احبه )
يقول ناعته ( لم ارى قبله ولا بعده مثله )
وقال ابو الطفيل : ( كان ابيض مليح الوجه )
وقال انس رضي الله عنه : ( كان بسط الكفين ، ازهر اللون ،
ليس في راسه ولحيته عشرون شعره بيضاء ، انما كان شيء
يسير في صدغيه )
وقال البراء رضي الله عنه : ( كان مربوعا ، بعيد ما بين المنكبين
، له شعر يبلغ شحمه اذنيه ، رايته في حله حمراء ، لم ارى شيئا
قط احسن منه ، كان مثل القمر )
وقال جابر رضي الله عنه : ( كان لا يضحك الا تبسما ، اذا
نظرت اليه قلت اكحل العينين وليس باكحل ، رايته ليله اضحيان
” اي ليله بدر ” فجعلت انظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعليه حله حمراء وانظرالى القمر فاذا هوعندي احسن من القمر )
وقال ابو هريره رضي الله عنه : ( لم ارى شيئا احسن من رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان الشمس تجري في وجهه وما رايت
احدا اسرع في مشيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كانما
الارض تطوى له وانا لنجهد انفسنا وانه لغير مكترث )
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : ( كان ابلج الثنيتين ، اذا تكلم
رؤي كالنور يخرج من بين ثناياه )
وقال انس رضي الله عنه : ( ما مسست حريرا ولا ديباجا الين
من كف النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا شممت ريحا ولا عرفا
اطيب من ريح او عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم )
ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينه مهاجرا واقبل الناس
ينظرون اليه جاء عبدالله بن سلام رضي الله عنه مع الناس لينظر
اليه وكان من احبار اليهود وعلماؤهم يقول :
فلما نظرت الى وجه النبي صلى الله عليه وسلم عرفت ان وجهه
ليس بوجه كذاب .هذه بعض اوصاف النبي الكريم في جمال الخلق
وحسن الصوره وكمال الهيئه .اما كمال النفس ومكارم الاخلاق فقد
كان في اعلاها وله من الذرى اسناها ويكفي في ذلك شهاده ربه له
: { وانك لعلى خلق عظيم } وقال صلى الله عليه وسلم ” ادبني
ربي فاحسن تاديبي ” لذا فقد كان مثالا عاليا في كل فضيله ،
كان صلى الله عليه وسلم دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب
، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش ولا عتاب ولا مداح ،
طويل السكوت ، لا يتكلم في غير حاجه ، لا يذم احدا ولا يعيره ،
ولا يتبع عورته ، يعفو ويصفح ، ويعاشر الناس بالرحمه واللطف
يتغافل عما لا يشتهيه ولا يذمه . اما الحلم والاحتمال ، والعفو
الصبرفهي صفات ميزه ربه بها ” ما خير بين امرين الا اختار
ايسرهما مالم يكن اثما ، فان كان اثما كان ابعد الناس عنه ”
ما انتقم لنفسه الا ان تنتهك حرمه الله فانه يغضب لله .
اما الجود والكرم والبذل والعطاء
فانه يعطي عطاء من لا يخشى
الفقر ، وكان اجود بالخير من الريح المرسله وكان اعدل الناس
واعفهم واصدقهم لهجه واعظمهم امانه كان يسمى قبل نبوته
بالصادق الامين وكان اشجع الناس لاقى الشدائد والاهوال وثبت
وصمد لم يلن ولم يتزعزع قال علي بن ابي طالب رضي الله
عنه : ( كنا اذا حمي الباس واحمرت الحدق اتقينا برسول الله
صلى الله عليه وسلم فما يكون احد اقرب الى العدو منه )
اما ادبه وحياؤه فيقول ابو سعيد الخدري رضي الله عنه : (كان
اشد حياء من العذراء في خدرها ) ( واذا كره شيئا عرف في
وجهه ) رواه البخاري . لا يثبت نظره في وجه احد نظره الى
الارض اطول من نظره الى السماء ، جل نظره الملاحظه ، كان
متواضعا بعيدا عن الكبر، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ،
ويجيب دعوه العبد ، ويجلس في اصحابه كاحدهم ، ويمنع من
القيام له كما يقام للملوك ،تقول عائشه رضي الله عنها : ( كان
يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ، ويعمل بيده كما
يعمل احدكم في بيته ) كان اوفى الناس بالعهود واوصلهم للرحم
واشفقهم وارحم الخلق بالخلق وصدق الله { لقد جاءكم رسول من
انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف
رحيم } انها الرحمه التي جمعت له قلوب الخلق { فبما رحمه من
الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } لطف
في المعشر وتبسمه عند اللقاء في الصحيحين عن جابر رضي الله
عنه قال : (ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلمت
ولا راني الا تبسم ) اما زهده في الدنيا فحسبك تقلله منها
واعراضه عن زهرتها وقد سيقت اليه بحذافيرها وترادفت عليه
فتوحها الى ان توفي صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونه عند
يهودي في نفقه عياله وهو يدعو يقول ( اللهم اجعل رزق ال محمد
قوتا )رواه البخاري ومسلم .عن عائشه رضي الله عنها قالت :
( ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثه ايام تباعا من خبز
حتى قبض )وقال ايضا : ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم
دينارا ولا درهما ولا شاتا ولا بعيرا )وقالت : ( كان فراشه من
ادم وحشوه من ليف ) كل ذلك مخرج في الصحيحين .اما خوفه
من ربه وخشيته وطاعته له وشده عبادته فذاك شان عظيم
يقوم الليل الا قليلا ويسمع لصدره ازيز كازيز المرجل من البكاء
ويصلي حتى ترم اوتنتفخ قدماه فيقال له قد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تاخر فيقول : ” افلا اكون عبدا شكورا ” رواه البخاري
ومسلم .قام ليله فقرا في ركعه سوره البقره والنساء وال عمران
ومع كل ذلك فانه يقول ” اني لاستغفر الله واتوب اليه في اليوم
اكثر من سبعين مره ” .
{ لقد كان لكم في رسول الله اسوه حسنه لمن كان يرجو الله واليوم
الاخر وذكر الله كثيرا} بارك الله لي ولكم في القران والسنه ،
ونفعنا بما فيهما من الايات والحكمه ، اقول قولي هذا واستغفر الله
تعالى لي ولكم .