خطبه عن اهميه العمل
فضل العمل
المسلم يعمل حتى يحقق انسانيته؛ لانه كائن مكلف بحمل رسالة، وهي عماره الارض بمنهج الله
القويم، ولا يتم ذلك الا بالعمل الصالح، كما ان الانسان لا يحقق ذاته في مجتمعه
الا عن طريق العمل الجاد.
وبالعمل يحصل الانسان على المال الحلال الذي ينفق منه على نفسه واهله، ويسهم به في
مشروعات الخير لامته، ومن هذا المال يؤدي فرائض الله؛ فيزكي ويحج ويؤدي ما عليه من
واجبات، وقد امر الله عباده بالانفاق من المال الطيب، فقال تعالى: {يا ايها الذين امنوا
انفقوا من طيبات ما كسبتم} [البقرة: 267].
وقد ربط الله -عز وجل- بين العمل والجهاد في سبيل الله، فقال تعالى: {واخرون يضربون
في الارض يبتغون من فضل الله واخرون يقاتلون في سبيل الله} [المزمل: 20].
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم من يخرج ليعمل ويكسب من الحلال؛ فيعف نفسه او
ينفق على اهله، كمن يجاهد في سبيل الله. وقد مر رجل على النبي صلى الله
عليه وسلم واصحابه، فراى الصحابه جده ونشاطه، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في
سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان كان خرج يسعى على ولده
صغارا فهو في سبيل الله، وان كان خرج يسعى على ابوين شيخين كبيرين فهو في
سبيل الله، وان كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وان كان
خرج يسعى رياء ومفاخره فهو في سبيل الشيطان) [الطبراني].
كما ان العمل يكسب المرء حب الله ورسوله واحترام الناس. روي ان النبي صلى الله
عليه وسلم قال: (ان الله تعالى يحب العبد المؤمن المحترف (اي: الذي له عمل ومهنه
يؤديها)) [الطبراني والبيهقي].
اخلاقيات العمل في الاسلام:
نظم الاسلام العلاقه بين العامل وصاحب العمل، وجعل لكل منهما حقوقا وواجبات.
اولا: حقوق العامل:
ضمن الاسلام حقوقا للعامل يجب على صاحب العمل ان يؤديها له، ومنها:
* الحقوق المالية: وهي دفع الاجر المناسب له، قال الله تعالى: {ولا تبخسوا الناس اشيائهم
ولا تعثوا في الارض مفسدين} [هود: 85]. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعطوا الاجير
اجره قبل ان يجف عرقه) [ابن ماجه].
* الحقوق البدنية: وهي الحق في الراحة، قال تعالى: {لا يكلف الله نفسا الا وسعها}
[البقرة: 286]. ويقول صلى الله عليه وسلم: (اخوانكم جعلهم الله تحت ايديكم، فمن كان اخوه
تحت يده فليطعمه مما ياكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فان كلفتموهم فاعينوهم)
[متفق عليه]. وكذلك يجب على صاحب العمل ان يوفر للعامل ما يلزمه من رعايه صحية.
* الحقوق الاجتماعية: وهي التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (من كان
لنا عاملا فلم يكن له زوجه فليكتسب زوجة، فان لم يكن له خادم فليكتسب له
خادما، فان لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا. من اتخذ غير ذلك فهو غال او
سارق) [ابو داود].
ثانيا: واجبات العامل:
وكما ان العامل له حقوق فان عليه واجبات، ومن هذه الواجبات:
* الامانة: فالغش ليس من صفات المؤمنين، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من غش
فليس مني) [مسلم وابو داود والترمذي].
* الاتقان والاجادة: لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ان الله يحب اذا عمل احدكم
عملا ان يتقنه) [البيهقي].
* التبكير الى العمل: حيث يكون النشاط موفورا، وتتحقق البركة، قال صلى الله عليه وسلم:
(اللهم بارك لامتي في بكورها) [الترمذي وابن ماجه].
* التشاور والتناصح: حيث يمكن التوصل للراي السديد، قال صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة)
[مسلم والترمذي].
* حفظ الاسرار: يجب على العامل ان يحفظ اسرار عمله، فلا يتحدث الى احد -خارج
عمله- عن امور تعتبر من اسرار العمل.
* الطاعة: فيجب على العامل ان يطيع رؤساءه في العمل في غير معصية، وان يلتزم
بقوانين العمل.